حسابات حذف الأصفار
تتناقل وسائل الإعلام أنباء عن نوايا حكومية لإستصدار عملة عراقية جديدة يتساوى فيها 1000 دينار عراقي قديم بدينار واحد جديد، والفكرة ليست جديدة وسبقتها أمثلة من دول أخرى تعرضت للتضخم الشديد لكن التوقيت الحالي وحوادث تأريخية سابقة تجعلنا نتسائل عن دوافع ومسببات خارجة عن المألوف.
لا يخفى عن العديد من القراء المحترمين المتابعين للأخبار في عهد الدكتاتور صدام ماقيل في العملة العراقية وتداولها في الخارج: فهي ترتفع قيمتها مع كل محاولة إنقلابية جديدة، فإزدياد الطلب بهدف شراء الذمم للتحضير للإنقلاب يؤدي إلى إرتفاع السعر في وقت غير متوقع مما يثير حفيظة المخابرات العراقية ويفضح خطط الإنقلابيين قبل التنفيذ. وحدث بعد أن قامت إحدى دول الجوار بشراء كمية كبيرة من العملة العراقية بهدف تمويل الإنقلاب أن قام صدام بطبع عملة جديدة وبنفس الوقت ألغى سريان العملة القديمة، وبذلك أصبحت خزائن دولة الجوار مليئة بالعملة العراقية التذكارية لكنها بلا قيمة مالية وأمست خطة الأنقلاب في خبر كان .
إذا وضعنا ما سبق إلى جانب خشية الحكومة الحالية من الإنقلابات والذي عبرت عنها بمناسبات عديدة نجد أن سياق الأنقلابات هو أحد الإعتبارات المعقولة والمهمة لقرار حذف الأصفار في الوقت الحاضر. فالحذف يسحب البساط من تحت الجهات التي لديها كمية كبيرة من العملة من أجل المضاربة والربح أومن أجل تمويل مؤامرات مزعومة، وفي نفس الوقت يفسح المجال للتغطية على الفساد المستشري ويفتح صفحة جديدة لحكومة أسائت الإنفاق لدرجة مأساوية.
لكن مخاطر الحذف هي في نفس أهمية المزايا، فتغيير العملة قد يقوض ثقة الجهات الممولة والمستثمرة في الأقتصاد العراقي مما يؤدي إلى إنخفاض سعر الصرف وضعف قابلية الحكومة على الإستدانة ثم إرتفاع الأسعار في وقت يعاني فيه المواطن من البطالة والفقر وقلة الأمن والأمان.
ومن ناحية أخرى وبسبب وجود تدخلات دول الجوار لنا أن نتسائل إذا كان القرار يعود فعلا للعراق وحده أم هو مجرد قذيفة أخرى في التصادمات بين أيران والولايات المتحدة، أي أن التوقيت والحبكة للإستفادة من تداعيات هذا القرار قد جائت نتيجة لأعتبارات وموازنات خارجية، وفي هذه الحالة قد يوفر الفرصة للمزيد من الهيمنة الأيرانية نتيجة لألغاء أو إعادة تقييم للمبالغ الهائلة من العملة العراقية التي في حوزة الخزانة الأمريكية.