هل يصب الإتفاق المتوقع بين دول الخمسة زائد واحد وأيران في مصلحة العراق؟
تعثرت المفاوضات في جنيف والتي تجري بين الدول الكبرى وأيران بقصد إحتواء طموحات الأخيرة في بناء القوة النووية، وقيل أن السبب كان في إصرار أيران على الأعتراف الصريح بحقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها والذي تنص عليه إتفاقية الحد من الأسلحة النووية، وفي حين أن هذا الأمر في ظاهره لا يعدو كونه إقرارا بالأمر الواقع والذي يمس مواقف العديد من الدول النامية والتي تطمح في إنتاج الطاقة الكهربائية من مفاعلات نووية لكنه يخفي في طياته خطوة حرجة في طريق إنتاج السلاح النووي، فلا يخفى أن مفاعل الماء الثقيل في أيران في موقع أراك قد قطع مراحل متقدمة، وبأمكانه حين إنجازه أن يقوم بإنتاج عنصر البلوتونيوم الذي هو من مكونات القنابل النووية التكتيكية الصغيرة الحجم والأسهل تصنيعا من قنابل اليورانيوم المخصب. والأمر الذي يصر عليه الدول الكبرى هو التوقف التام لبناء هذا المفاعل، ويبدو أن من المحتمل التوصل لصيغة مقبولة لدى جميع الأطراف المفاوضة والمقايضة بين إستمرار المفاعل والإعتراف الصريح بالتخصيب.
ومن ناحية التأثير على مجرى الأمور في العراق فقد كان الإعتقاد سابقا بأن المقايضة بين أيران وأمريكا ستكون حول التنازل عن بعض الطموحات النووية مقابل الإعتراف بنفوذ أيران على العراق والإنسحاب الأمريكي من العراق، لكن مسار الأحداث أظهر بأن أيران قد حققت ما كانت تصبو له في العراق بدون الحاجة للرجوع إلى تنازلات نووية. لذا فأن الواقع الجديد لا يمس العراق بالخسارة المباشرة بل قد يؤدي إلى ضروف أقرب إلى الإستقرار في المنطقة، وهذا يعتمد على ما سيفعله حلفاء أيران السياسيين في العراق وسوريا.
أن التوصل إلى الأتفاق حول الإنتشار النووي الأيراني سيكون ذو نتائج بعيدة الأثر ومعان عميقة في المنطقة وللعالم، صيغة الإتفاق ستكون مثالا لدول أخرى وخصوصا للدول الأقل عداءً للغرب والتي بدورها تطمح للتقدم في المجال النووي، وإذا تراجعت أيران وأرادت تغيير مسارها فسيكون الإتفاق مبررا للتدخل الإقتصادي أو العسكري على أسس عقلانية وليس لأهداف إنتقامية أو قمعية على الطريقة الإسرائيلية.