أوغاد وحشاشون
إستقطبت لقطات تفجير مراقد الأنبياء في الموصل إهتمام القراء والمشاهدين هذا الأسبوع، فقد أثرت هذه المشاهد على أبناء الشعب العراقي بصورة عميقة تفوق في بعدها صور القتل الوحشية والتفجيرات الإنتحارية التي فقدت سخونتها من كثر حدوثها بدون رادع ولا حساب ومن فشل الحكومة في محاسبة الفساد الأداري والأمني المستشري بشكل غير مسبوق في تاريخ العراق الحديث. فالمراقد وآثار الحضارات القديمة التي عاشت في ربوع العراق منذ القدم وحافظت عليها الأجيال المتعاقبة من المجتمعات المحلية تمثل الميراث الحضاري والثقافي الذي يشكل جزئاً من هويتنا، وتدميرها يعني فقدان هذا الجزء مما يشكل تأكل شخصياتنا وإنتمائنا لهذا الوطن.
وقد ظهرت عدة نسخ للحظة التفجير مما يدل على أن سكان المنطقة كانوا عارفين بأن ثمة شئ ما سوف يحصل في تلك اللحظة، لكن إستوقفتي كلمة واحدة صدرت في نهاية أحد اللقطات: “يا أوغاد” قالها أحد الشهود على مقربة من مصور اللقطة في لحظة غضب وعدم التصديق لما يحدث من مشاهد مؤلمة .
من ناحية أخرى كان هنالك الكثير من التعليقات الطائفية على هذه الأحداث وكأن سكان الموصل الذين عاشوا أجيالاً وقروناً في ظل هذه المعالم الأثرية هم المسؤولون عن هذه التفجيرات، وكأن الدولة الأسلامية جائت بدون سبب يذكر من مليشيات مجرمة وقاتلة ومن إقصاءات وسياسات طائفية وإستفزازية في العراق وسوريا. هؤلاء هم الحشاشون الذين يستمدون صنفهم المخدر من سياسات الحكومة المركزية الفاشلة، فكلما إزداد التوتر كلما إزدادت الجرعة التي تبعدهم عن الواقع.
وفي قمة التخدير تأتي الأخبار بنبأ تشبث رئيس الوزراء الموقر بكرسيه رغم إجماع حلفائه وأعدائه على إعتباره شخصيةً مثيرة للجدل والتفرقة. أن تصور سياسه الحكومة العراقية الحالية بأنها ناجحة وأن قائدها الضرورة هو قادر على لم الشمل وتحقيق النصر على أوغاد الدولة الأسلامية لهو قمة الهلوسة والأبتعاد عن الواقع.