كيف يمر بعير المدربين من ثقب الأبرة؟

August 7th, 2011

يتسائل الكثيرون عن كيفية التمديد لبقاء القوات الأمريكية في العراق وهل هو ضروري حقا؟ والمعادلة سهلة الفهم لكنها حساسة وصعبة الحل لأن الواقع الواضح هو أن العراق ليس لديه القابلية على الحفاظ على حدوده وسمائه وقواه الأمنية ضعيفة وجيشه غير مكتمل، والمعادلة حساسة لأنها تحتوي على حسابات الثقة بدول الجوار والتي يبدو أن لا أحد يريد الخوض فيها بصراحة. ونظرا لصعوبة الحل فقد طرحت الحكومة بديل تغيير الوجود العسكري الأمريكي الى صفة المستشارين أو المدربين حالهم حال أي من المتعاقدين بعقود التوريدات المدنية مع بعض الإضافات التجميلية التي لا ترقى الى العمل العسكري المستقل داخل العراق. وتداعيات هذا السبيل على الموقف عموما هي خليط من المستحسن والسيئ وينبغي دراستها بتأني. فمن ناحية يلغي هذا التغيير صفة الإحتلال تماما ويضع المسؤوليةعلى عاتق الحكومة العراقية لتوجيه وتغيير المستشارين ومحاسبتهم تحت القانون العراقي، ومن ناحية أخرى فأن المسؤولية المالية تقع على عاتق الجانب العراقي وأنني أعتقد أن بعض الأمريكان يتمنوا حلا كهذا لكن توقع السداد من العراق لخدمات تدريبية لن يؤدي إلا الى خيبة الأمل عند الأمريكان و قد يؤدي لدى العراق للإعتماد على خدمات غير تدريبية بديلة من دول الجوار ومن مصادر مشبوهة. لكن الإعتبار الأهم هو في فقدان المصداقية، فالعراق لديه الكثير من الطاقة البشرية وصفة المدربين أو المستشارين غير حقيقية ولسنا بحاجة للتذكير بالفساد المرتبط بعقود التدريب في السابق، لذا نرى أن من الصعب نفاذ بعير المدربين من ثقب الأبرة.

لنا أن نتسائل عن بدائل أخرى نراها أكثر واقعية ويراها غيرنا غير ذلك. لابد من نهاية الإحتلال من ناحية ولابد من حماية الحدود والأجواء من ناحية أخرى، لذا ندعو لتغيير العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق الى علاقة متعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة بحيث يستعاض عن بعض القوات الأمريكية بقوات عالمية مختلطة وبتفويض واضح وتكاليف مغطاة. يعطي هذا البديل مجالا لتوفير الحماية الدبلوماسية ومساهمة قوات تتفاهم مع مكونات الشعب العراقي وسوف يفتح تفويض الأمم المتحدة مجالات التعاون في التعداد السكاني الذي تجد الحكومة الحالية صعوبة في تنفيذه، لكن العائق الأكبر أمام هذا الخيار يبقى من طرف الولايات المتحدة التي تريد حماية “إستثماراتها” في العراق بمفردها ولا تريد شركاء في الواقع رغم أن الرئيس أوباما نادى بالمشاركة الدولية قبيل أنتخابه. قد يكون هذا البديل ليس مطروحا ولا يتمتع بالتجاوب الواسع لكنه يرد على التساؤل كيف ينفذ البعير بكل بساطة: أرفعوا علم الأمم المتحدة بدلا عن الولايات المتحدة فوق القوات العسكرية.

The End

حساب جكليت

July 31st, 2011

جائني فيديو من عدة أطراف بعنوان أكبر سرقة بالعراق يصور سيدة عضو سابق من أعضاء المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وهي تحاسب رئيس المفوضية الذي أقالها حسابا عسيرا على تبديده لأموال الشعب، من صرف تكلفة وقود المولدات الى دفع فاتورة ليلتين في فندق بالسليمانية بدون وجه حق الى شراء ستة تلفونات جوال.. وغيره من حساب الجكليت وبناء على عدم أمانة هذا الرئيس المكرود المبتلي وتبديده تكلفة النثريات بالمقارنة مع ما ينهب بدون رقيب يطلب إقالة المفوضية العليا بأكملها وإبطال عملها فورا وبلا تأخير، علما بأن المفوضية تنتهي مهمتها طبيعيا بعد ثمان شهور وسيعاد اختيار أعضائها حينذاك. ومن المضحك المبكي أن السيدة تشتكي من وجود غير العراقيين للإشراف على عد الأصوات وكأن الفساد لا يمكن أن يطول العراقيين. ولكن الواقعة الأساسية والتي هي هدف حساب الجكليت كانت في محاولة عزل المفوضية بالتصويت في مجلس النواب والتي إنتهت بالفشل وتشنج السيدة المذكورة وأعضاء حزب الحكومة، والأنطباع السائد هو أن بعض أفراد الحزب الحاكم قد فقدوا السيطرة على أعصابهم وأخذوا يهددون الكثيرين بما فيهم مام جلال رئيس الجمهورية . وما سبق ذلك أن مجلس الوزراء الموقر قرر إلحاق جميع الهيئات المستقلة إداريا بالمجلس، وفي هذا السياق تفهم هذه الأحداث على أنها محاولات تؤدي الى فقدان إستقلالية الهيئات الرقابية وتعزيز سيطرة الحكومة على مفاصل الدولة والعملية السياسية.

تذكرت فضيحة أعضاء مجلس العموم البريطاني قبل بضعة شهورالذين صرفوا مبالغ نثرية من الدولة لتغطية تكاليف سفر ونفقات إقامة ومأكولات مبالغ فيها كما هو الحال مع حساب الجكليت عندنا، وقد حوسب الأعضاء البريطانيون منفردين، أي كل على قدر تجاوزاته، وفيهم من أرجع المصروفات التي صرفت بغير وجه حق وفيهم من عوقب بالحبس ومن فقد منصبه ولكن لم يكن أحدا يطالب بإغلاق مجلس العموم أو سحب الثقة إعتباطيا من جميع المتهمين.

أن مفوضية الأنتخابات هذة قد تم إختيار أعضائها من قبل البرلمان المنتخب ومن مهماتها الإشراف على الإنتخابات وتحديد مواعيدها والأعلان عن نتائجها، وحسب القانون فأن البرلمان يحتاج الى أغلبية مطلقة (أي 163 صوتا) من أجل فصل أعضاء المفوضية، لكنه لا يحتاج إلا لأغلبية من اصوات الحضور لتسمية وتشكيل المفوضية من جديد، أي أن تصويت سحب الثقة هو إلتفاف على الدستور ولن يكون ساريا إلا إذا حصل على الدعم من 163 صوتا. ومن بين ما حدث بعد فشل التصويت على الحصول حتى على أغلبية من الحضور هو أن الحكومة لا تريد إجراء أي إنتخابات إلا لما بعد تشكيل المفوضية من جديد وقد تسعى مجددا لمحاولة سحب الثقة.

تذكرني هذه الأحداث بالقبيلة العربية التي عملت إلها من التمر فلما جاعت أكلته. أن الدستور بعيوبه هو من صنع المستفيدين والذين هم في الحكم اليوم، ونحن نراهم الآن وهم لا يتورعوا عن إفشاله وإلتهامه. عملوا الها من التمر سابقا واليوم يعملوا دستورا من الجكليت..

The End

كيف تفكر أمريكا الآن؟

July 17th, 2011

جائتني بعض الخواطر بعيد قرائة مقالة لبول روجرز في موقع الديمقراطية المفتوحة عن سياسة أمريكا في أفغانستان وكيف إنتقلت أهميات السياسة من التعامل مع الحقائق على أرض الميدان الى تحقيق الكسب الإنتخابي في إنتخابات الرئآسة المزمعة في نوفمبر تشرين الثاني 2012. وقد يكون المحذوف أكثر أهمية من المذكور أحيانا، وفي هذه الحالة لم أجد ذكرا للقاعدة البتة وقد أصبحت الطالبان وليست القاعدة شغل الولايات المتحدة الشاغل بعد القضاء على بن لادن بعدما أبعدتهم عن المساهمة في العملية السياسية وهم يشكلون نسبة كبيرة من تمثيل البشتون وهم 40% من الأفغان. أهمية ذلك أن القاعدة وليس الطالبان هي التي خططت ومولت ونفذت هجوم 9\11 وهي السبب المعلن لإحتلال أفغانستان والعراق وتساؤلاتي كانت حول تداعيات هذا التغيير في المنظور الأمريكي على الواقع العراقي.

ومما عزز هذه التساؤلات ما كتب من التعليقات في مدونة ريدار فيسر، حيث أنه يعتقد بأن سبب تكرار الأخطاء في العراق يعود الى عدم كفائة اصحاب القرار من الأمريكان في حين أن غيره قد فقد الإقتناع ببراءة الأمريكان، ورغم أن العديد من العراقيين والمصدقين بنظرية المؤآمرة وحتى المراقبين العارفين بخطط المحافظين الجدد هم جميعا يعتقدوا بأن الإحتلال لم يأتي لإحلال الديمقراطية أصلا بل جاء من أجل تحقيق مصالح أمريكية في المنطقة، لكن من الواضح أن النتائج على الساحة العراقية لم تكن عموما في حسبان أصحاب القرار ولا شئ يفسر الأخطاء المتكررة سوى العمد أو البلاهة.

من أبرز الأخطاء كانت طريقة تعامل الأمريكان مع الصدريين بالإقصاء مما يذكر بمواقفهم تجاه الطالبان، حيث أن كلاهما من مكونات الشعب التي لا يمكن إقصائها لكنهم لم يريدوا التعامل مع الأمريكان وهنا بيت القصيد؛ فيبدو أن الأمريكان أرادوا منح هديتهم من الديمقراطية لمن يتعامل معهم وإستبعدوا من لا يحبهم. قد يكون من تبريرات هذه المواقف كون الولايات المتحدة الدولة العظمى الوحيدة وثورة الأتصالات التي تسمح بإيصال رأي المعارضة أينما كانت لكن إستبعاد مكونات الشعبين الأفغاني والعراقي يأتي بتكلفة عالية ومسؤوليته تقع على عاتق الإحتلال.

تفكر أمريكا الآن بإرجاع الطالبان إلى العملية السياسية في أفغانستان لإنشغالها بالأمور الداخلية من إنتخابات وإقتصاد، لكن العراق بحاجة الى تعداد وإرجاع جميع مكوناته وضمان نزاهة العملية السياسية من أجل الإستقرار، لا مجال للمزيد من التجارب والأخطاء.

The End

هل سيعتذر المالكي لأمريكا مرغما؟

July 2nd, 2011

تناقلت وسائل الأنباء خبر سؤال السيناتور الأمريكي دانا روهرباشر للمالكي إذا كان سيساعد أمريكا في محنتها الإقتصادية أذا إحتاجت المساعدة بالمستقبل ورده بالنفي وإنزعاجه وطلبه، للوفد المرافق من السيناتورات بالمغادرة الفورية. وكان هنالك خبرا آخر تلاه بفترة قصيرة قد لا يبدو ذوعلاقة للوهلة الأولى مفاده أن الحكومة العراقية قد تبرعت بعشرة ملايين دولار لمساعدة ضحايا السونامي وإعادة البناء في اليابان.

وقد يكون خبر طرد الوفد الأمريكي غير مدروس وإنفعالي وليد الساعة لكنه أدى لخيبة أمل في أمريكا، أما في العراق فقد إغتنم البعض هذه الفرصة لرفع رايات الوطنية ومطالبة أمريكا بدفع التعويضات عن كل ما جرى ويجري في العراق من جرائم وكأن أمريكا هي وحدها المسؤولة عن عمليات القتل والأرهاب.. لكن هذا ليس بالوقت المناسب لهذه المطالبات والمزايدات على الوطنية وردة الفعل هذه تأتي من سوء الفهم لدعوة السيناتور، فأمريكا لا تحتاج دعما ماديا من العراق البائس أو تبرعا على شاكلة مساعدة ضحايا اليابان ولكنها تطلب الإعلان عن المواقف والمبادئ، والسؤال كان في سياق : هل أنتم معنا أم علينا في محنتنا الأقتصادية المتسعة؟ لكن الرد السلبي المتشنج على ممثلي الشعب الأمريكي المنتخبين قد أحرق جسور الرجعة أمام المالكي متناسيا أنه مدين لأمريكا بالكثير ومزدريا لتضحيات الجنود الأمريكان البسطاء الذين هم في قرارة أنفسهم لم يأتوا للعراق لتحقيق المنافع الإقتصادية الضيقة لكن للدفاع عن مصلحة وأمن بلادهم.

قد يكون مصدر الإلتباس في حسابات المالكي السياسية هو توقعاته بتحقيق أحلاف إقليمية تغني عن تمديد إتفاقية بقاء القوات الأمريكية في العراق، وبذلك تنتفي حاجته لهم ولا ضير من التنكر لهم، لكن الأحداث تسير نحو الأسوأ في المنطقة، فالتظاهرات في سوريا وتزايد وتيرة المواجهات بين أيران وبين جيرانها الخليجيين ووضوح نوايا المالكي بالإستئثار بالسلطة، هذه كلها عوامل تجعل من تحقيق تحالف أقليمي يضم إيران والعراق بنفس الوقت ظربا من الخيال. والنتيجة هي تضائل البدائل أمام المالكي للخروج بصيغة مقبولة لعلاقته مع أمريكا، وأحد هذه البدائل هو الإعتذار مع التفاوض المؤدي الى تمديد الإتفاقية الأمنية.

إحتمالات الخروج بإعتذار رسمي وتمرير إتفاقية أمنية جديدة تصادفها عقبات هي الأخرى، فمن ناحية شروط الصدريين وعدم رضاء الشارع العراقي والحكومي الأيراني، هذه عوامل تؤجل لكنها قد لا تمنع حصول الإتفاق، وفي النهاية لأ أرى مفرا للمالكي من الرضوخ والإعتذار مرغما لأمريكا.

The End

مذنب بالإختلاط

June 26th, 2011

مصطلح الذنب بالإختلاط والمعروف بالأنكليزية ب(Guilt by Association) ويعني أن هنالك من يعتقد بأن مجرد الأختلاط بالمجرم يؤدي الى شراكته بالأثم.ونحن كعراقيين الذين عشنا سنين دكتاتورية صدام نعلم جيدا كيف يعاقب أقارب المغضوب عليهم لأسباب تافهة وكيف يتم العقاب بعيدا عن القضاء، لذا فقد تبددت آمالنا حين نشاهد نفس الممارسات القديمة تتم اليوم تحت غطاء شفاف من الديمقراطية. ومن المؤسف أن نرى العديد من المثقفين والعالمين بمبادئ القضاء والعدالة ينجرفون وراء الأحكام والقرارات التعسفية طالما طالت من لا يتفقوا معهم بالعقيدة أو بالحزب أو بالرأي وهم قد نسوا أو تناسوا بأنهم هم كانوا الضحايا منذ أمد قصير وأن دائرة الحياة تدور ولا يستبعد أن يجدوا أنفسهم في خانة الضحايا ثانية، وأن تكرار الذنب بالإختلاط يوسع دائرة الظلم مع كل دورة.

يستغرب البعض من سوء حظ العراقيين في تعاقب السلطات المستبدة إبتداء من الحجاج إبن يوسف الثقفي ويعزيه الكثيرون الى العدوانية الظاهرة في مجتمعنا، لكننا نحن الذين خالطنا العديد من الشعوب بعد الشتات الذي تعاقب علينا من وراء الدكتاتورية لعدة حقبات، أقول أن العديد من الشعوب التي كنا ننظر لها بإعجاب بعين التحضر هي في الواقع عدوانية تحت السطح، وبأي حال فأن وصفة العدوانية ليس لها علاج وإلا فكيف نزيلها من طبائع البشر لكي يسود السلام في بلادنا؟ والأجدى من التحاليل النفسية المستعصية على العلاج هو تحديد ممارسات معينة يؤدي منعها الى تخفيف الأزمات وإستبيان الطريق للتعامل مع العدوانية، وأنني لأرى أن آلية الذنب بالإختلاط هي إحدى هذه الممارسات، ومنعها هو عمل محدد وضروري من أجل عدم إستبعاد الأقليات أو المستضعفين من نسيج مجتمعنا المتنوع الأعراق والإتجاهات.

أن منع الذنب بالإختلاط يعني أن لا يؤآخذ احد على جريمة أخيه أو رفيقه لمجرد قربه ولا يعاقب جميع أعضاء العائلة أو العشيرة أو الحزب أو المليشيا على جرائم القلائل من الأعضاء. نعلم أن هذه حبة صعبة الإبتلاع للبعض ويراها من في السلطة وكأنها تسامح على الإجرام أو عفوا في غير محله وهو ليس بهذا. فتحديد المذنب هو من إختصاص سلطة القضاء العادل، وتسييس القضاء والعمل في الخفاء خارج مؤسسات الدولة هو الذي يسمح بممارسة الذنب بالإختلاط، لكنها ممارسة محددة يمكن تعريفها بسهولة وإنشاء الألية المناسبة والمرجعية القانونية لعلاجها .

The End

حملة الحفاظ على تراث بغداد المعماري

June 11th, 2011

تذهب عهود ويأتي غيرها، والجديد يعوض ما فات وليس لنا مما مضى إلا التراث والذكريات فإن ذهبا فلن يعوضا، لذلك فنحن نرى الأمم العريقة تحافظ على تراثها لأنها الكنز الثمين الذي لا يقبل التجديد. ورغم أن العراق يمر الآن بمرحلة صعبة أخرى يخسر فيها الأموال والأرواح والأخلاق غير أن التاريخ يعلمنا بأن الحال لا يدوم والأموال تعوض والأخلاق تتغير والأرواح التي أزهقت سوف لن تعوض. والأجيال الجديدة القادمة هي كفيلة بمستقبلها الذي تملكه حصرا، لذا فعلينا واجب تجاه الأجيال القادمة التي ستستفيد مما ورثناه عن أجيال سبقتنا التي حافظت على تراثنا الذي تسلمناه من أجيال أقدم فترتب علينا الحفاظ عليه سليما وتقديمه للأجيال القادمة بحالة تسمح بإفادة مجتمعاتنا من تاريخنا العريق. المباني الأثرية في بغداد ليست مجرد هياكل قد نتفق أو لا نتفق على جمالها لكنها مرسى ذكريات الشعب والذي يقودنا الى تغييرات تحدث تقدما وتغييرا عصريين، الأهم من ذلك هو اليقين بأنها ليست ملكا لجيلنا وفقدانها يعني إهدار حقوق الأجيال القادمة في معرفة تاريخهم والأحداث التي سوف تربط بعضهم ببعض.

تدعو مجموعة من المهندسين والإعلاميين والمثقفين العراقيين لمساندة نداء للحفاظ على تراث بغداد العمراني، بإمكانكم إضافة أسمائكم وقراءة النداء من متابعة الرابط التالي:

 
http://turathbaghdad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1&Itemid=5

The End

مطبات في طريق العملية السياسية في العراق

May 29th, 2011

تتحدى الأحداث الجارية قابلية الحكومة العراقية على التعامل مع البدائل المطروحة بحكمة وإتزان، فتظاهرات جيش المهدي وتزايد وتيرة الإغتيالات والأعمال الإرهابية والإلحاح أمام الحاجة الى إتخاذ القرار السليم بخصوص بقاء القوات الأمريكية وتحديات تشكيل الحكومة الغير متكاملة تأتي جميعها بنفس الوقت لكي تتشابك وتؤثر الواحدة بقرارات الأخرى.

فالعملية السياسية عرجاء وضعيفة ومن مظاهر ضعفها الخضوع للعوامل الخارجية بحيث أن أولويات الطلبات الخارجية ترتفع فوق الإعتبارات الداخلية من توفير الأمن والخدمات والتعامل مع الأزمات التي عادة ما تشلٍ أو تؤجل القرارات المتعلقة بالعلاقات الخارجية في الديمقراطيات الراسخة. لذا نتوقع أن تدفع الحكومة بتأجيل إلتزاماتها نحو شركائها والخضوع للضغوطات الخارجية بداية للتملص من هذه الألتزامات.

لكن التأجيل له مخاطره في فرط عقد الحكومة الهشة وإبعاد الصدريين الذين يطالبون بعدم الموافقة على تمديد بقاء القوات الأمريكية وعلى القائمة العراقية التي لم تنل على جميع مستحقاتها الإنتخابية وغيرهم من الجهات السياسية العراقية التي لا تعلم تفاصيل ما يحضر من إتفاقات بين الأمريكان والجهات الحكومية من جهة وما يدور في كواليس السياسة مع دول الجوار من جهة أخرى.

فالإتفاق بين المالكي والدائرة الضيقة حوله وبين الأمريكان سهل التصور، حيث أنه، أي المالكي، مدين للأمريكان بخلاصه من طوق الصدريين خلال معارك صولة القانون وأن الأمريكان يريدون حلا سريعا لكن اذا أخذنا بنظر الأعتبار دور الجهات الأخرى من القوى الأقليمية فسوف نجد أن ثمن الأتفاق سوف يكون على حساب البقية الباقية من مصداقية العملية السياسية.

لا شك أن هنالك حاجة لحماية الأجواء العراقية ووجود بعض القوات التي تتمتع بالإنضباط العسكري بعيدا عن الولاءات الطائفية لكن التمديد المستمر لبقاء الأمريكان كجهة وحيدة لا يمكن السكوت عليه، لذا ندعو الى غطاء أممي وتفويض من مجلس الأمن لأي وجود عسكري أجنبي في العراق ولا نعتقد بأن الحكومة العراقية الحالية بعدم إكتمالها وهشاشة تحالفاتها بل ودفعها بكرة التفاوض نحو الأحزاب البرلمانية لدعوتهم لأعلان مواقفهم قبل أن تعلن الحكومة موقفها، نقول لا نعتقد أن الحكومة لديها التفويض الكافي الذي يؤهلها للتفاوض حول مسألة مصيرية مثل الوجود العسكري الأمريكي.

أن تفاوض الحكومة العراقية مع الولايات المتحدة حول بقاء القوات الأمريكية ما هو إلا مطب آخر يهز مصداقية العملية السياسية وقابليتها لأحداث التعاقب السلمي للسلطة.

The End

هل سيحل البرلمان العراقي نفسه قريبا؟

May 14th, 2011

لا يقتصر أمر التوقعات بحل البرلمان العراقي وإجراء الإنتخابات الجديدة على أمر توعدات المالكي ودعوات علاوي فالأحداث لها وقعها وثقلها للدفع نحو إجراء كهذا.

لقد تعاقبت تاريخيا حكومات عديدة خلال الحكم الملكي الذي امتد منذ 1923 الى 1958 ربما بمعدل حكومة واحدة لكل عام وإن إستمرار الحكومات التالية لفترات أطول كان بسبب السياسات الإستبدادية، أي أن الوضع الطبيعي وضغط الشارع لإستمرارية الديمقراطية كما عرفناها في العهد الملكي هي مع تغيير الحكومة بعد فترات قصيرة.

أما المتغيرات الآنية فمن العوامل الداخلية هنالك الكثير مما يدفع للتغيير وحل البرلمان لكن العوامل الخارجية تدفع بعكس ذلك. هنالك التأخير في تسمية الوزراء الأمنيين والحكومة المصابة بالترهل والإتفاقات ذات البنود المؤجلة مثل مبادرة البرزاني والوعود الخفية التي ابرمت في سبيل جمع الأصوات النيابية للموافقة على ثلاثة نواب للرئيس، ثم هنالك فضيحة فرار الإرهابيين المعتقلين من القصر الرئاسي في البصرة، هذه العوامل جميعها تدفع في إتجاه حل البرلمان حيث أنه يشكل عملية خلط الأوراق من جديد وتمرير مخالفات وجرائم ذات أبعاد سياسية من ناحية، ويعطي الفرصة لسماع صوت الشارع في غياب المؤسسات وتسييس القضاء من ناحية اخرى. لكن العوامل الأقليمية والدولية تريد أستمرار القلق والعملية العرجاء من أجل إستمرار إستفادة الأطراف الخارجية، فالولايات المتحدة لا يهمها سوى المضي قدما في إقرار التمديد للمعاهدة الأمنية وأيران قد ترى في إنتخابات قريبة بعض المجازفة في فقدان التمثيل الموالي لها والإنفاق من أجل التأثير على مجرياتها ونتائجها والجارات الأخريات للعراق يخشين من نجاح التجربة الديمقراطية وتداعيات هذا النجاح على شعوبها إذا ما أدت إعادة الإنتخابات لحل المشاكل وإستقرار البلد.

لو كانت القرارات السياسية في العراق تتخذ لأسباب موضوعية لتوقفنا عند هذا الحد وحاولنا الموازنة بين العوامل الداخلية والخارجية للتنبؤ بما سوف يحصل للبرلمان العراقي، لكن العامل الذاتي له دوره، ونعني به أن قرار حل البرلمان سيخضع لأهواء المالكي والطالباني الذين كلاهما سوف لن يحق لهما التمديد بعد الفترة الحالية والأثنان أظهرا حرصهم وتمسكهم بالمنصب لدرجة يصعب أن نتوقع تنازلهم الطوعي مهما سمعنا منهم من تهديدات ووعود. لذا نقول أن العامل النفساني هو المرشح الأقوى ونتمنى لكن لا نتوقع أن يحل البرلمان نفسه قريبا نتيجة لتهديدات المالكي على الأقل.

The End

دروس الإنتخابات الكندية

May 8th, 2011

جرت في 2 نيسان مايو 2011 الانتخابات العامة الكندية ونشرت جميع النتائج في الصحف المحلية صباح اليوم التالي، وتمت عمليات إعادة العد بعدها بيومين. ولا مفاجئة بهذا ولكن النتائج التي كان قد تنبأ البعض بأنها سوف لن تغير خارطة السياسة في كندا جائت بعكس ذلك و بشكل يقلب بعض مفاهيم الأنتخابات العراقية رأسا على عقب.

فلنبدأ الشرح بنبذة تاريخية. فقد تكون المشهد السياسي في كندا أساسا من تداول الحكم حصرا بين حزبي المحافظين التقدميين والليبرالي لفترة طويلة مع مداخلات بسيطة وعلى فترات متباعدة من الحزب الثالث الأصغر بكثير وهو الحزب الوطني الديمقراطي ذو النزعة الأشتراكية. ولكن حصلت مفاجأة في أنتخابات عام 1993 حيث تحول حزب المحافظين التقدميين الحاكم من حزب الأغلبية الى فقدان صفته الرسمية كحزب برلماني وبحوزته مقعدان فحسب. وحينها قفز حزب الإصلاح اليميني الذي أنشئ حديثا الى الفوز بمقاعد كثيرة لكنها غير كافية لازاحة الحزب الليبرالي من موقع الأغلبية. وقد إضطر حزب المحافطين التقدميين للإندماج مع حزب الإصلاح بشروط قاسية ومنها قيادة الحزب الجديد والمسمى بالمحافظين فحسب، وكان هاربر رئيس الوزراء الحالي الذي جاء من حزب الإصلاح هو الزعيم الجديد للحزب المندمج.

والمفاهيم العراقية للديمقراطية وممارساتها ترى التمويل والضغوط أنجع الوسائل للفوز بالأصوات والمقاعد ومن ناحية أخرى فالإصلاحيون يرون أن الديمقراطية تتحقق بالتمثيل المتناسب، أي أن المرشحين الأكثر إستحقاقا هم الذين يستطيعون الفوز بميزاتهم الشخصية بالدرجة الأولى وليس بإنتماءآتهم الحزبية.

ونأتي الآن للإنتخابات الأخيرة، فقد ترأس هاربر زعيم حزب المحافظين حكومة أقلية لفترتين متتاليتين ولم يكن يرغب في إجراء انتخابات طارئة، في حين أن رؤساء الكتل الأخرى كانوا يعانون من ممارسات هاربر الإستبدادية في داخل البرلمان وفي إدارته لشؤون الدولة وضاقوا ذرعا لذا إغتموا فرصة لسحب الثقة حين جاء التصويت على ميزانية عام 2011. وكان لهم ما أرادوا وأجريت الإنتخابات على توقعات فوز المعارضة أو تقليل سطوة هاربر، لكن جائت النتائج على عكس التوقعات فقد فاز هاربر بالأغلبية هذه المرة وخسر الحزب الليبرالي الكثير من مقاعده وجائت المفاجئة الكبرى بفوز الحزب الوطني الديمقراطي برئاسة جاك ليتون بأكثر من مائة مقعد. ولو تمعنا بالتفاصيل لوجدنا أن الحزب اليبرالي قد هيأ نفسه وخطط وأنفق على الإنتخابات الشئ الكثير ولم يساعده ذلك على الفوز أو حتى تجنب الخسارة المنكرة، أما الحزب الوطني الديمقراطي ذو الموارد المحدودة جدا فقد فاز مرشحيه من طلبة الجامعات وعاملات المطاعم وقليلي الخبرة على الرغم من أنهم كمرشحين لم يساهموا في المناقشات والتجمعات ولم ينفقوا من مالهم أو أوقاتهم شئ يذكر، بل أعتمدوا كلية على قائد حزبهم وبرنامجه الإنتخابي وجاذبيتة، وهذه حالة واضحة بأن الناخب الكندي لا يعرف ولا يأبه بخلفية المرشح ذاته وإنما بقادة الأحزاب الذين هم يروجون للحزب وسمعته ونجاحه. ونتوقف قليلا لنلاحظ في المشهد العراقي بين آونة وأخرى نجد من يعترض على دكتاتورية قادة الأحزاب وأهمالهم للأخذ بآرائهم الفذة قبل المضي في سياسة أو موقف قد لا يوافق تطلعاتهم، نرى أن إستبداد هاربر داخل حزبة وحكومته لم يعاقب بل العكس، وأن قلة جاذبية زعماء الليبراليين وكتلة كيبك التي هي الأخرى قد خسرت الكثير من مقاعدها كانت العامل الأساسي في تصويت الناخبين، وأن نشاط جاك ليتون وأمانته وبرنامجه قد إجتذبت الأصوات أكثر من هوية المرشحين وخبرتهم وسمعتهم وهم قد فازوا في مناطق لم يكونوا معروفين فيها ولاساكنين فيها لفترة طويلة.
أن بعض المعتقدات التقليدية عن الديمقراطية في الشارع العراقي لا يساندها واقع الممارسة السليمة وقد تكون القناعة بها قد حصلت نتيجة للتزوير والتدخلات الخارجية والسبيل لقطع الطريق أمام التدخلات وفي نجاح التجربة في العراق هو ضمان نزاهة الأنتخابات بالإشراف الدولي.

The End

مستقبل العراق الغامض بين المركزية والفدرلة السياسية

April 24th, 2011

تعصف رياح التغيير بالمنطقة ولا تقتصر على صراع الأفراد على المناصب وإنما هنالك تيارين متعاكسين في الساحة التي تلعب فيها قوى أقليمية وعالمية و يلتقيان في العراق: هنالك موجة الديمقراطية الحديثة التي إبتدأتها أحداث تونس ثم مصر وليبيا وعاملها الفعال هو إنزياح الخوف من الجماهير التي تعودت على الدكتاتورية ووسائلها القمعية من ناحية وهنالك الرغبة الدفينة لعدم الإستقرار في العراق يجسدها إستمرار موجة العنف وتصاعد إغتيالت كاتم الصوت والعبوات اللاصقة وعاملها الأساسي المعاكس هو إستمرار الخوف وعدم الثقة وزيادة الصراع الطائفي في سبيل فرض واقع التقسيم على شعب لا يرتضي التقسيم أساسا من ناحية أخرى.

أي أن الصراع الآن هو بين زخم الوضع المتدهور ومسبباته من سياسات حكومية قمعية تهدف لاستمرار الوضع القائم على المدى القصير وتدخلات من دول الجوار طويلة الأمد في خططها تدعي الرغبة في استقرار ووحدة العراق لكنها في الواقع تعمل على تقسيمه، وبين موجة التغيير المعاكس التي تهدد إستمرارية الزخم في زوال حاجز الخوف وأيجاد صيغة توافقية للتعايش.

من الواضح أن الانقسام الطائفي والقومي قد وصل إلى أبعاد جديدة من القطيعة وأصبح الكلام عن رجوع الأجواء التسامحية أو حتى الى نوع من الدكتاتورية العادلة التي توزع البؤس على الطوائف والأقليات بشيئ من التكافؤ والتي كانت سائدة في السابق مجرد أمنيات، ومن أهم العوامل التي أدت إلى هذه الحالة من الانقسام هي السياسات الحكومية التي تدعي المركزية في الإدارة لكنها توزع القمع بصورة غير متكافئة للمناطق والتعيينات والإستثناءآت الإستفزازية التي تؤدي إلى تأجيج نيران المجابهة عوضا عن التعايش السلمي. لذا نتوقع أن تستمر حالة التشرذم وأن تتجسم في واحد من التيارين.

سيناريو التقسيم كما نراه يتلخص في إنفصال إقليم كردستان وتقسيم الوسط والجنوب على طريقة جو بايدن، والخطوة الأساس تتلخص في إتفاق الولايات المتحدة مع أيران على طريقة لمعالجة طموحات أيران النووية مقابل الإعتراف بدورها في تسيير الأمور في العراق، وهذه مجرد أستمرار لسياسة بوش وأوباما منذ بداية الأحتلال التي تتجنب المواجهة مع أيران حتى لو عملت في العراق أكبر الكبائر، لذلك نراها مدفوعة بالزخم ونصفها بالمركزية السياسية.

أما سيناريو الفدرلة السياسية ففيه أحترام لخصوصيات المناطق في العراق بدون فقدان الإنتماء لبلد واحد، فالمناطق تحتفظ بهويتها السياسية بدون الخضوع لهيمنة الرأي من المركز، وإن شائت قرية العوجة عمل تمثال وضريح لصدام فهذا من شأنها وإذا حاول أحد هدم هذه الرموز حينها يخضع للعقاب و للقوانين المحلية التي تعتبر هذا العمل إستفزازا وتخريبا في العوجة لكنها لن ترى ضيرا في حرق صور الخميني مثلا، وإذا اختارت قرية أخرى أن ترفع صور الخميني وجاء أحد ليمزق الصور سيخضع حينها لقوانين محلية أخرى تعتبر هذا العمل تخريبا وإستثارة لكنها تتغاضى عن أي إستهانة بصدام أو حزبه. وبنفس السياق قد نرى تمثالا لعبد الكريم قاسم في واسط أو نصبا تذكاريا للملوك وجميعها تحت حماية القوانين المحلية.

يأتي هذا الإتجاه في نقض الواقع الأليم الذي تمثله سياسات الحكومة القمعية التي تدعي المركزية في الإدارة ولا تطبق منها سوى مركزية التسلط وفرض سيطرة أيديولوجية المركز السياسية على فئات ومناطق لا تؤمن بها، والإستجابة لموجة الديمقراطية الأقليمية تحتاج لتصورات تحتفظ بأهم المكاسب وبنفس الوقت تصحح السلبيات، نأمل أن يوضع الخيار واضحا أمام الناخب العراقي في الإنتخابات القادمة بين مركزية وفدرلة السياسة.

The End