من هي الجهة الخاسرة الأكبر في الأتفاق الأمريكي الأيراني؟

December 29th, 2013

يتسائل البعض إذا كانت الطوائف السنية هي الخاسر الأكبر في الأتفاق بين الدول الكبرى وأيران بخصوص النشاط النووي للأخيرة، وهنالك من يعتقد أن ظواهر هذه الخسارة تبدو في المزيد من التواطؤ الأمريكي مع تجاوزات أيران أو حلفائها المتمثلة في ردود فعلها تجاه أحداث الأنبار وإغتيال محمد شطح في بيروت.

أعتقد أن الضحية الأهم للإتفاق بين الدول الكبرى وأيران هي إسرائيل حيث أن أمريكا ظهرت وهي لا تراعي أو لا تتبنى وجهة نظر أسرائيل حيال البعبع الأيراني، وإنما تراعي مصالحها وإمكانياتها الذاتية وهذه سابقة جذرية بالنسبة لأمريكا وسياساتها الخارجية. صحيح أن الأنظمة التقليدية في الجزيرة العربية ترى مصالحها بالأشتراك مع أسرائيل والتهديد القادم من قوة أيران ، وأرى أن وجهة النظر التي ذكرتها هي إنعكاس لمواقفها، وهي بالذات لا تخلو من بعض المصداقية حيث أن دور ولاية الفقيه في المنطقة يتجه نحو الأعتراف الأمريكي وهذا ما تريده أيران، لكنني أرى أن إنكشاف الأدوار بهذه الطريقة ليس في مصلحتها، حيث أن نفوذ أيران يواجه مقاومة عنيفة في سوريا ولبنان وأن اللعب على المكشوف سوف يجعل مقاومة النفوذ أسهل على الطوائف السنية لأنها سوف تكون دفاعية بشكل أوضح ولذا فسوف تكلفتها أكبر على ولاية الفقيه.

The End

نحن وجنوب السودان

December 22nd, 2013

تحدثت وسائل الأعلام عن إندلاع المواجهات العرقية بين أتباع نائب رئيس جمهورية جنوب السودان المقال ريك مشار والذي ينتمي لقبائل النوير وبين الحكومة الفيدرالية بقيادة سيلفا كير والذي هو وأغلبية الحكومة ينتمون لقبائل الدنكا.

رغم أن المواجهات في جنوب السودان يغلب عليها طابع العرقية وليس الطائفية كما هو الحال في العراق فأن أوجه التشابه لا يمكن إنكارها. فقد جاء سيلفا كيرنتيجة لأتفاق مبدئي بين جميع الأطراف العرقية والطائفية، وكان النزاع الظاهري داخل جمهورية جنوب السودان الفتية بين إتجاهين: إتجاه تقوية سلطات الرئيس تحت تسمية تعزيز المركزية وإتجاه توزيع السلطات أو اللامركزية، ونتيجة لهذا الصراع فقد إستبعد الرئيس كير نائبه مشار ومعه العديد من أتباع قبائل النوير، وتشير آخر الأخبار بأن المواجهات المسلحة قد أنتجت المئات من القتلى وأن السجون الفيدرالية تعج بقبائل النوير وأن الحكومة تمنع زيارة المعتقلين من قبل المراقبين الأجانب.

لكن التشابه يتوقف عند عتبة التدخلات الخارجية، فالموقف في جنوب السودان يبدو وكأنه نتيجة لصراعات داخلية بحتة، فأغلبية الدول التي ساندت إنفصال جنوب السودان لا تريد النزاع والسودان الجار الكبيرلا يتمتع بالنفوذ الظاهر كما هو الحال بين العراق وجيرانه، ولذلك فأن نار الصراع في جنوب السودان قد لا تجد الوقود الدائم الوارد من الخارج لأستمرارها كما هو الحال في العراق وسوريا.

The End

المالكي وانتخابات 2014

December 15th, 2013

أثارني خبر عن تحديث فرز الأصوات للأنتخابات القادمة وإستعمال البطاقة الألكترونية على نطاق واسع، ليس لأن التحديث بحد ذاته غير مرغوب بل لأن الخبر جاء على لسان رئيس مجلس الوزراء دفاعا عن نزاهة الإنتخابات، وكأن التحديث هو ضمان عدم التزوير. نحن والذين يعملون في مجال تكنولوجيا المعلومات نعلم أن التكنولوجيا تعمل بمقدار نزاهة مستعمليها، فالتقدم لم يمنع إنتشار رسائل السبام (الدعاية) وفيروسات الإنترنت وما شابه من المداخلات المقنعة التي لها صفاة التلاعب غير المرغوب به، وما يجيء به التحديث هو تسهيل عمليات الفرز وإعادة الفرز بحيث يكون بأستطاعة عدد صغير من الإداريين القيام بالتلاعب بالأصوات ويكون من السهل شراء الذمم أو التهديد أو لوي الذراع في إعادة الفرز.

وما حصل في إنتخابات 2009 يدعونا للتأمل في ما قد يحصل في إنتخابات 2014، فقد إختفت أصوات إستراتيجية معارضة خلال عمليات إعادة الفرز وتأخر إعلان النتائج لشهر بعد التصويت.التكنولوجيا تعد في تقصير هذه الفترة لكنها تفتح المجال نحو تساؤلات من نوع آخر: من الذي سيقوم بإدارة الفرز وإعادة الفرز؟ والجواب أتى سريعا وحتى قبل أن يجف الحبرعن الخبر السابق، فقد تناقلت وسائل الأنباء مؤخرا خبر تعيين بعض المقربين لرئيس الحكومة والمدربين في هيئة الإنتخابات. نقول: لو كانت الحكومة جادة في ضمان نزاهة الإنتخابات لدعت الأمم المتحدة للإشراف التام على عملية الفرز وليس حصرها في المراقبة.

إضافة لإشراف المقربين على آليات الفرز نتوقع أن يقوم قريبا مكتب أو فريق من دولة غربية على عمل إستطلاع للرأي، يكون قد تم فيه إنتقاء المستطلعة آرائهم بعناية فائقة تظهر الولاء لسياسة الحكومة، وتستخدم نتيجة الإستطلاع (سطمبه) أو هدف للذين يقومون بفرز الأصوات من أجل طبخ نتائج الأنتخابات النهائية لكي تتفق مع نتائج الإستطلاع .

لا ندعو لمقاطعة الأنتخابات..المقاطعة تسهل تزوير النتائج والمساهمة هي أضعف الأيمان في نشر الوعي وكشف المتلاعبين.

The End

الله موجود

December 8th, 2013

ما حفزني للكتابة تحت هذا العنوان هو مقابلة مع محافظ الأنبار الجديد والتي تسائل فيها عن الفساد وإنتشاره ولم لا يردع الفاسدين الحافز الديني وسمعتهم وماذا سيقولون لأبنائهم حينما يطعموهم من مال الحرام، ولا شك أن السيد المحافظ سليم النوايا لكني لا أرى أن الحافز الديني مسؤولا عن التصرفات الإخلاقية ، فنحن الذين نعيش في مجتمعات غربية نرى الكثير من الإخلاقيات العالية ليس فقط من الغربيين بل من الكثير من العراقيين والمسلمين عامة رغم أن الإلتزام بالتدين ضعيفا وواهيا على عموم المجتمع. ولو شئنا المقارنة مع عصور خلت فالعراق ومجتمعاته لم تكن أكثر إلتزاما بالدين والتدين في عهد الملكية أو ما تلاها مباشرة مما هي عليه الآن، مع ذلك رأينا أن الفساد قد إنتشر الآن إنتشارا طرديا مع أنتشار العمائم.. وإمعانا في تأكيد الفصل بين التدين والإخلاق فقد قيل في دفع الموظفين المترددين في قبول الفساد هذه الأيام بأن أقرانهم الضالعين والمتمرسين يهددوهم بأن يقبلوا سرقة المال العام وإلا فسوف يتهموا بالشيوعية المقرونة بالإلحاد ..

الله موجود لكن ليس في الظواهر والتدين وإنما في سمعة الإنسان والتي أكتسبت بفضل تكنولوجيا المعلومات صفة الديمومة، كنا نقول الله موجود أو منك لله لمن ظلم ونترك حسابه للآخرة أما الآن فكل ما يكتب في مدونات الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي فهو دائم ما دامت الذاكرة الأصطناعية، ووسائل إستحضارها أصبحت في متناول أي فرد يستعمل الكومبيوتر، ولن يتمكن أي سارق أو فاسد أن يخفي ما يعرفه العارفون.

The End

المالكي يدخن

November 30th, 2013

على خلفية مقتل الشيخين عدنان الغانم وكاظم الجبوري في البصرة الأسبوع الماضي قال رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي في مقابلة تلفزيونية أن المعلومات المتوافرة لديه تشير بأن الذين كانوا وراء هذه الأغتيالات هم عملاء من السنة يريدون دفع الأقلية السني في البصرة على هجرة ديارهم، وشبَه عمل هؤلاء بالمخابرات الأسرائيلية التي كانت تقوم بالتفجيرات في نواحي بغداد في عام 1948 لأرغام اليهود العراقيين على الهجرة لأسرائيل.

بغض النظر عن مصداقية معلومات السيد رئيس مجلس الوزراء والتي لم تمنع الأعمال الإرهابية في السابق ولم تؤدي يوما إلى كشف ما يدين من هم مقربين منه، وبغض النظر عن التداعيات السياسية والقضائية لكشف معلومات التحريات قبل إكتمالها والتي توضح بلا شك بأن السيد رئيس الوزراء غير أهل بمتطلبات منصبه من حفظ اللسان إلى عدم التأثير على عمل اللجان، نتسائل عن العراقيين السنة المتناثرين في أرجاء المعمورة عن الجهة التي تريد أن تأويهم وتحتاج لخدماتهم كما كانت إسرائيل بحاجة لليهود العراقيين في 1948؟ وما هي مميزاتهم والتي يراها المالكي ولا أحد غيره عن أخوتهم السوريين الذين فاق تعداد مشرديهم الثلاث ملايين؟

من الواضح أن المالكي يسعى من أجل كسب الأصوات الطائفية في الإنتخابات القادمة عن طريق تصريحاته الإستفزازية والخيالية التي توحي بأنه يدخن مادة ضارة..لكن الإستقطاب الطائفي هو نتيجة مباشرة للإرهاب فهل برئت ساحة الحكومة من تهم التورط في الإرهاب؟ لا أعتقد ذلك.

The End

هل يصب الإتفاق المتوقع بين دول الخمسة زائد واحد وأيران في مصلحة العراق؟

November 17th, 2013

تعثرت المفاوضات في جنيف والتي تجري بين الدول الكبرى وأيران بقصد إحتواء طموحات الأخيرة في بناء القوة النووية، وقيل أن السبب كان في إصرار أيران على الأعتراف الصريح بحقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها والذي تنص عليه إتفاقية الحد من الأسلحة النووية، وفي حين أن هذا الأمر في ظاهره لا يعدو كونه إقرارا بالأمر الواقع والذي يمس مواقف العديد من الدول النامية والتي تطمح في إنتاج الطاقة الكهربائية من مفاعلات نووية لكنه يخفي في طياته خطوة حرجة في طريق إنتاج السلاح النووي، فلا يخفى أن مفاعل الماء الثقيل في أيران في موقع أراك قد قطع مراحل متقدمة، وبأمكانه حين إنجازه أن يقوم بإنتاج عنصر البلوتونيوم الذي هو من مكونات القنابل النووية التكتيكية الصغيرة الحجم والأسهل تصنيعا من قنابل اليورانيوم المخصب. والأمر الذي يصر عليه الدول الكبرى هو التوقف التام لبناء هذا المفاعل، ويبدو أن من المحتمل التوصل لصيغة مقبولة لدى جميع الأطراف المفاوضة والمقايضة بين إستمرار المفاعل والإعتراف الصريح بالتخصيب.

ومن ناحية التأثير على مجرى الأمور في العراق فقد كان الإعتقاد سابقا بأن المقايضة بين أيران وأمريكا ستكون حول التنازل عن بعض الطموحات النووية مقابل الإعتراف بنفوذ أيران على العراق والإنسحاب الأمريكي من العراق، لكن مسار الأحداث أظهر بأن أيران قد حققت ما كانت تصبو له في العراق بدون الحاجة للرجوع إلى تنازلات نووية. لذا فأن الواقع الجديد لا يمس العراق بالخسارة المباشرة بل قد يؤدي إلى ضروف أقرب إلى الإستقرار في المنطقة، وهذا يعتمد على ما سيفعله حلفاء أيران السياسيين في العراق وسوريا.

أن التوصل إلى الأتفاق حول الإنتشار النووي الأيراني سيكون ذو نتائج بعيدة الأثر ومعان عميقة في المنطقة وللعالم، صيغة الإتفاق ستكون مثالا لدول أخرى وخصوصا للدول الأقل عداءً للغرب والتي بدورها تطمح للتقدم في المجال النووي، وإذا تراجعت أيران وأرادت تغيير مسارها فسيكون الإتفاق مبررا للتدخل الإقتصادي أو العسكري على أسس عقلانية وليس لأهداف إنتقامية أو قمعية على الطريقة الإسرائيلية.

The End

هل من إختصاص السلطة الدينية الحكم على المجرمين من أتباعها دينيا؟

November 3rd, 2013

وعموما فالسؤال هو: هل يمكن للسلطة أيا كانت أن تستند على أحكام دينية (قرآنية مثلا) في التمييزالدقيق بين خير وخير آخر، أو بين شر وشر آخر أكثر ضررا منه؟

قد يبدو السؤال من أول وهلة عديم المعنى والفائدة فأن تاريخنا الإسلامي ملئ بالقضاة والفقهاء الذين أصدروا أحكاما عادلة، ولا يخفى أن الخليفة أبو بكر(رض) كان قد أصدر حكما قد يعتبره البعض دينيا بتكفير الممتنعين عن دفع الزكاة في حروب الردة، ويعتقد البعض أن من الممكن إعتبار هذا الحكم مثالا تاريخيا على كون “الإسلام دين ودولة” ونموذجا لدولة الخلافة المرتقبة من قبل الأحزاب الإسلامية. لكن الخليفة الأول وقضاة العصور الإسلامية التي تلته لا يختلفون في طبيعة أحكامهم، فهي جميعا أحكام جزئية لا تكتمل إلا في ربط النصوص الدينية مع الواقع السياسي والإجتماعي الذي تتناوله في وقت النطق بالحكم.

أن التعددية في المواقف القرآنية تجاه العديد من المواضيع ليس بالأمر المخفي، فهنالك طيف كامل من التوجهات تجاه غير المسلمين عموما واليهود والنصارى خصوصا، وكذلك تجاه النساء والميراث وغيرها من الأمور، ومن السهل الإعتقاد بأن هذا تناقض يؤدي إلى رفض الدين عند الملحدين جملة وتفصيلا، لكني لا أرى ذلك لأنني على معرفة بأن العلم الحديث الذي يعتقد البعض بقوته ومنطقيته فيه تناقض أشد.

أنني أفهم تعدد المواقف هذا بأنه أحكام أخلاقية مطلقة في الزمان ولكنها جزئية وليست مطلقة في المكان، أي أن ما يصح أن يكون حكما على المسلمين لا يصح على غيرهم، والسلفيون الذين يعتمدون على أحكام مطلقة متشددة مثل تكفير غير المسلمين ووجوب قتلهم، دون غيرها من النصوص والتي هي أقل تشددا وأكثر تسامحا، هم لم يخطئوا دينيا ولا نستطيع أن نحاسبهم دينيا ولا أن نحاسب الدين على أخطائهم، وإنما نحاسبهم إداريا أوإنسانيا أو أخلاقيا أو بالقضاء المدني أو بأشكال أخرى.

والنتيجة هي أن شرعية الدولة الحديثة لا يمكن أن تستمد من الدين فحسب ولا يمكن أن تكون الشريعة هي المصدر الوحيد للقانون لأن الحساب الديني ليس من إختصاص أحد من البشر.

The End

الشيخ والسماء

October 20th, 2013

كنت في رحلة لزيارة الأهل في عمان على متن طائرة تحلق على إرتفاع 39000 قدم حينما إحتجت لزيارة المرحاض، وكان المرحاض قريبا من مقعدي لكن شيخا ذو لحية بيضاء كثيفة قد إحتله لفترة من الزمن. فوقفت في الإنتظار حالي حال بقية المسافرين أمام باب المرحاض وكنا خمسة أوستة. وكان من بين المنتظرين شابا ذو لحية سوداء كثة ورداء يبدو منه أنه قد يكون من أتباع ذلك الشيخ. بادرني الشاب بالكلام فقال أن الشيخ يتوضأ من أجل تأدية الصلاة ولكنه طول بعض الشيء. قلت له لماذا لا يتيمم فضحك الشاب، وقد تكون الضحكة من جهلي الواضح لمبادئ الصلاة التي تقول إذا حضر الماء بطل التيمم، والماء موجود في الطائرة فلا يصح التيمم. ثم بعد تبادل الحديث وإطالة الشيخ الذي لا شك أنه كان يكثر من ذكر الأدعية وإداء السنن الغير واجبة للوضوء، قلت للشاب لماذا إذاً لا يصلي قضاء وهو في سفر. وبدا من بعد ذلك متجهما وتوقف الحديث بيننا، فقد تعديت في إنتقادي هذا حدود اللياقة في عين الشاب حين إنتقدت الشيخ وتوقعت منه تقصيرا في واجباته أمام الله.

كان لقائي الثاني مع الشيخ أمام محطة إستلام الحقائب، فقد أطال النظر في وكانت نظراته تنم عن الإشفاق علي وعلى أمثالي من الضالين، حيث تذكرت نقاشا دينيا مذاعاً توعد فيه أحد الشيوخ السلفيين المشككين بالعقاب الشديد وأشفق عليهم من عذاب النار.

لم أشعر بتقوى الشيخ في تلك اللحظة بل العكس، شعرت بأني أقرب إلى الله منه وعدوانيته الواضحة في نظراته وموقفه الذي يعطي لنفسه حق الخلاص قبل إيفاء الحقوق الطبيعية في حياة عباد الله الآخرين.

يصف أرنست همنجواي في روايته الطويلة “الشيخ والبحر” صراع صياد سمك عجوز مع سمكة كبيرة أنهكت قواه الواهنة، وبعد إنتظار طويل كانت الأسماك الصغيرة فيها تترك الشص ولا يغريها الطعم إلتقطته في النهاية السمكة الكبيرة، لكن الشيخ الذي كان يحتقر صغار السمك إنتهى به الأمر إلى إحترام قوة وعناد السمكة الكبيرة. شعرت أن تصرف شيخنا هذا في السماء فيه قدوة تشبه شيخ البحر، الذي رمى الشص الذي لم يغري السمك الصغير وإنتهى به الأمر إلى صيد عملاق من سمك السيف. لحسن الحظ كنت من السمك الصغير الذي لم يجتذبه الطعم في شص الشيخ في السماء.

The End

خواطر سورية

October 6th, 2013

يفسر الكثيرون في منطقة الشرق الأوسط الإتفاق المرحلي بين الروس والأمريكان على تجريد الحكومة السورية من الأسلحة الكيمياوية على أنه تراجع مرغم من الجانب الأمريكي وتصاعد أكيد وطويل الأمد لروسيا على الساحة العالمية على طريق إستعادة دورها كقوة عظمى.

لا أحد يستطيع الإنكار بأن بريطانيا وأمريكا قد تراجعتا عن ضرب الحكومة السورية لأسباب داخلية، لعدم توافر الدعم والدافع الداخلي لمبادرة كهذه، ولا أحد ينكر بأن الدبلوماسية الروسية إستطاعت إستغلال الفرصة لأنتزاع الإتفاق الذي يستطيع إنقاذ حليفتها السورية من براثن الضربة الأمريكية، لكن لا ينبغي الخلط بين أهمية العامل الداخلي مع وجود المشاكل الإقتصادية للحكومة الأمريكية و لكن إحتمال إنفراجها كليا خلال شهر أو شهرين من ناحية، وإنتهازية ووقتية العامل الخارجي الخاضع لمتغيرات إقليمية سريعة التغيير على طول الطريق من ناحية أخرى. فالموقف لا يزال متغيرا سريع التطور. ولا يعني التنفيذ الجزئي لإتفاق التجريد أن الضربة قد منعت بل العكس، فأن وجود الإتفاق يبرر زيادة الضغط على الحكومة السورية من أجل المضي في الكشف الكامل والنهائي للأسلحة الكيميائية، فالإتفاق بحد ذاته لا يعطي الخيار أمام الحكومة السورية بعدم التعاون وإنما يعطي الأمريكان والغرب المبرر العقلاني للضربة عوضا عن الضربة العقابية الأولى التي كانت لا تؤدي إلى نتيجة منفعية، وإضافة الإتفاق في موقف كهذا سوف يعمل على التغير في العامل الداخلي.

والخاطرة الثانية تؤدي إلى تساؤل عن هوية الجهة المسؤولة عن الهجوم الكيميائي على ضواحي دمشق، وهذا الموضوع القديم قد ناله الكثير وأكثر من إستحقاقه من النقاش على وسائل الإعلام. فقد تناقلت وسائل الإعلام يوم أمس أنباء عن قصف قوات المعارضة مدينة طرطوس معقل الأقلية العلوية وملجأ الكثيرين من الأسر السورية الهاربة من جحيم المواجهات في مناطق أخرى. والتساؤل هو: لو كانت قوات المعارضة هي فعلا التي قذفت ضواحي دمشق بالكيميائي فما الذي يمنع أن تقذف طرطوس بها؟ مجرد تساؤل.

The End

مو صوج المالكي

September 22nd, 2013

يتمنى الكثيرون هذه الأيام عودة الماضي بسبب الإرهاب وعدم الإستقرار في ربوع العراق، فالتدهور المريع في المجتمع من إنتشار الفساد وإنحطاط الأخلاق وإدعاء التدين يدفع المرء إلى طلب الراحة في الإبتعاد عن الواقع الأليم في الخيال وتمني رجوع الماضي. ومن أكثر هذه الأمنيات ذكرا هو تغير شخصية رئيس الوزراء وكأن هذا الأمر لوحده سوف يرجع الأمان ويصلح الأوضاع ويحل المشاكل.

نقول أن المشكلة ليست في الأشخاص ولكن في المؤسسات وغيابها. لا يهم إن كان فلاناَ وهو في قمة السلطة جيدا أم سيئا، ولا شك أن هنالك العديد من الخيرين بين المرتشين والسراق ولكنهم الإستثناء الذي يؤكد سريان القاعدة في غياب المؤسسات. فالسارق والمجرم لا يحاسب والشريف لا يكافأ على أمانته بل على ولائه. وتغير الحاكم بآخر لا يعيد إنشاء مؤسسات الدولة، وإن تم هذا فلن يكون سوى تمثيلية سمجة وضحك على الذقون.

لذا نقول: روح بفالك أبو إسراء شوف مصلحتك، المؤسسات تروحلك فدوه، الديمقراطية عربانة عتيقة توصلك للحكم وتحترك، الإنتخابات تقاليد أجنبية للكفار مانريدها. بس دير بالك من البوابة الشرقية لا يروح يجيلك هوى يشيلك، موفد يوم تكعد تلكي أيران مكوشة على نفط الجنوب وتريد تتحكم بالعالم تكول آنني عراقي ما أقبل أو موصوجي لأن بس هذوله ما تكدر عليهم.

وأتذكر أسطورة فاوست.

The End