لو كان القصد هو الأذى..

January 4th, 2009

في سياق حادثة رمي الأحذية تناقلت رسائل الأصدقاء حكاية من حكايات نوري السعيد التي حصلت في إحدى ليالي شتاء 1957، حيث توقف الباشا وسائقه عند مقهى لتناول الشاي، وحين تعرف أحد الرواد، وكان ثملا، على شخصية الباشا فشتمه ثم بصق، فما كان من نوري السعيد إلا أن وضع يده في جيبه وأعطى الثمل ثلاثة دنانير ثم خرج على مهل رغما عن إعتراضات سائقه وصاحب المقهى الذين أرادا أن يعاقب المخمور على إعتدائه المشين. لكن السياسي المخضرم شرح للسائق الغض أن معاقبة المخمور لن تؤدي إلا الى زيادة مقاديره وإعتبار فعلته نضالا، في حين أنه لو أخبر أقرانه بأنه شتم رئيس الوزراء فكافأه هذا بالنقود فسوف تنقلب الآيه بالتهكم على الثمل والإعجاب بكرم السياسي. ويختتم كاتب المقال بعبارة والعاقل يفهم بإشارة واضحة نحو واقعة رمي الأحذية على الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش. وعلى عكس ذكاء نوري السعيد وخبرته السياسية ومما يصعب تصديقه فتشير آخر الأخبار بأن المدعي العام يحاول لصق التهمة الأخطر وهي الإعتداء بقصد الأذى على الصحفي المبتلي.

إننا لو وضعنا الحادثة في سياق الإتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة فإن الإعتداء على رئيس الولايات المتحدة وهو في مهمة رسمية قابلة للتفسير من ناحية عسكرية هوالآن من إختصاص القانون الأمريكي، لكن الأمريكان إختاروا أن يمرروا هذه الحادثة كالبطاطا الساخنة للسلطات العراقية والتي قامت بدورها بأخذ الملامة والتخبط في سبيل ايجاد العلاج المناسب. و ما أجده من المفارقات لو كان الذي أهين جنديا بسيطا بدل رئيس أمريكا لقامت الدنيا ولم تقعد لو أصرت الحكومة على تطبيق القانون العراقي. أن الحل الأمثل للواقعة هو في تحويل القضية الى الأمريكان وتطبيق القانون الأمريكي، فإن لم يمكن ذلك ففي الإبتعاد عن المحاكمات والقصاص وتجاوز التداعيات، أما ما يحصل الآن فهو ليس أكثر من مضيعة للوقت والجهد وجذب الإنتباه بعيدا عن المشاكل الحقيقية التي تواجه بلادنا.

The End

ما حظت برجيلهه..

December 28th, 2008

قد قيل ما فيه الكفاية عن حادثة قذف الحذاء بوجه جورج دبليو بوش، فالواقعة بحد ذاتها من ناحية قانونية و إخلاقية ليست بالكبر الذي يستحق الإنتباه الواسع، رغم إن العديد من المسؤولين يلوحون بالنقمة وبالقصاص القانوني ويصفها بأنها قلة أدب وكأن الدولة قد إنتهت من محاسبة الجرائم الكبرى وأصبحت الآن تحاسب على بسائط الأمور.

وقد لا نتفق على نعت الصحافي منتظر الزيدي بالبطل، فهو بطبيعة عمله عالم بالنتيجة المتوقعة وهو بذلك كما عبر جورج بوش نفسه طالب للإنتباه وغير ذلك، لكن بلا شك أن الواقعة لها بعد إعلامي عميق وأهميتها تكمن في علاقتها بحرية التعبير، ونحن إذ نتحدث عن تداعياتها الآن ذلك لأنها تسلط الأضواء على مدى إحترام حرية التعبير في عراق اليوم. أن من تداعياتها المؤسفة وقوف العديد من العراقيين الذين يحسبون أنفسهم على التيار الديمقراطي ضد حرية التعبير وبجانب تكميم الأفواه، ليس فقط للصحفي لكن للجهات التي لا يتفقون معاها وكأن الديمقراطية تعني شيئا مختلفا لكل حزب معناه حسب الإتجاه السياسي. أين الآراء التي تدافع عن حرية التعبير للخصوم؟ بل أين كفاح ومعاناة الذين تعرضوا للظلم أيام دكتاتورية صدام؟ وأين الدروس التي تعلمناها من القمع والإستبداد؟ أن العملية السياسية بحاجة الى شمول جميع الإتجاهات أذا أردنا ضمان المصداقية والإستمرارية وتغيير السلطة بالوسائل الديمقراطية.

هنالك تشابها للواقعة من ناحية البعد الإعلامي والعلاقة بإحترام حرية التعبير مع كتابات سلمان رشدي في إنكلتره ومع الكاريكاتيرات المسيئة للرسول (ص) التي نشرت في الدنيمارك، فجميع هذه الوقائع هي حالات تحدي لدفع حدود حرية التعبير، لكن شتان بين ما جرى في الغرب وبين ما يجري في بلادنا: فالغرب يدافع عن حقوق أبنائه في التعبير ونحن نهين ونعذب ونجد في الواقعة سببا لإسكات الآخرين. بل يبدو أن أحد الذين ساهموا في الركل الموجع هو نفسه صحفي ، وكل ذلك لكي يرضي العتاه عن جهل الجانب الأمريكي ، وأقول عن جهل لأن الأمريكان هم من أكثر الأقوام إحتراما لحرية التعبيرولا يسرهم إهانة فرد لممارسة حقه الدستوري، لذا فعتاتنا اليوم كان أجدى بهم أن يرضوا العراقيين لكنهم سعوا وراء الأمريكان و لم يفلحوا في إرضائهم وبهذا خسروا الجانبين: ما حظت برجيلهه ولا خذت سيد علي.

The End

المبادرة العقيمة: النفط مقابل الأرض

November 30th, 2008

قامت مجموعة الأزمات العالمية المستقلة المعروفة بكرايسز جروب والتي يقع مقرها الرئيسي في بروكسل بنشر تقريرها حول الموقف في كركوك بعنوان النفط مقابل الأرض: نحو المبادلة العظمى عن الأكراد والعراق، والتقرير هذا يحتوي على العديد من الملاحظات الهامة عن الإتجاهات السياسية العراقية والتطورات والمتغيرات من وجهة نظر واقعية ومحايدة نوعا ما لكنه يحتوي أيضا على غلطات وإحباطات لا تتناسب مع المصداقية المفترضة للمجموعة العالمية.

ومن أهم ما إحتواه التقرير هو التوصية لمجلس الأمن بإنتداب الأمم المتحدة لتوجيه مفاوضات “المبادلة العظمى”ونصا تقول:

الطلب رسميا من مجلس الأمن الدولي بإعطاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق لتوجيه مفاوضات المبادلة العظمى.

أن المقارنة مع نص التقرير ذاته لا تدع مجالا للشك بأن هذه التوصية ما هي إلا إمتدادا لدور الولايات المتحدة لتفضيلها حاليا طريقة السمسرة السياسية بين الفرقاء للوصول الى التوافق، ونحن كغيرنا إذ نريد الإستقرار والإتفاق على المبادئ في حل الخلافات لكننا لا نريد للأمم المتحدة الإنطلاق من قاعدة مهزوزة ونوايا الإستفادة من محنات وطننا لجهات غير الشعب العراقي، بل نفضل الإنطلاق من نقطة الصفر البديهية لأي عملية ديمقراطية تجري في القرن الحادي والعشرين: بإجراء التعداد السكاني، ولكي يكون التعداد شاملا ومقبولا من الجميع يطلب رسميا بتفويض من مجلس الأمن بدلا من المقترح لتوجيه مفاوضات “المبادلة العظمى”.. إن موقفا كهذا هو الأكثر جدارة بالأمم المتحدة من تبني سياسة الوفاق بين فرقاء هم على أقل تقدير غير حريصين على مصالح شعبهم ولا حتى على مصالح الناخبين الذين أتو بهم لدفة الحكم.

ونلاحظ بأهمية أعمق أن المبادرة تحدد الفترة الإنتقالية التي تسبق تقرير مصير مدينة كركوك بعشرة سنين، هذه الفترة تبقى المدينة في عهدة جهات غير محددة وتتوقع المبادرة أن يتبلور مصير المدينة بدون تحديد آليات حمايتها وبدون ربط القرار بتعداد النفوس بل وبالإقرار صراحة بأن نتائج إنتخابات عام 2005 والتي شابها الإكراه والتزوير بإعتراف المبادرة نفسها تؤخذ أساسا للتقسيمات المالية والإدارية. أن هذه المبادرة وتوصياتها العقيمة ماهي إلا تبريرا لإستمرار الإحتلال وكان الأجدر بالمجموعة العالمية المستقلة أن تدعو لبلورة الأرادة العراقية وإستقلال العملية السياسية بدلا من تبعتيتها وخضوعها لإرادة المحتل.

The End

كلا يا أبا إسراء إن المركزية لا تأتي على حساب الديمقراطية

November 16th, 2008

حدثني زميل في لقاء الثلاثاء الماضي عن رأيه في مركزية الحكم فقال: لو كان عندنا سلطة مركزية قوية لجاء تعداد السكان والأمان وتطبيع الأمور نتيجة لذلك. قلت: أن الأكراد لن يوافقوا على تقوية السلطة المركزية لخشيتهم من الإنتقام وأن المطالبة بها غير مجديه حاليا والأجدى بنا أن نطالب بإشراف الأمم المتحدة على التعداد والإنتخابات فالأولوية لإخراج المحتل من العملية السياسية ولبلورة الأرادة الوطنية بعيدا عن التأثيرات الخارجية بدلا من التعامل مع المحتل كوسيط أو سمسار سياسي ووجود المحتل في العملية السياسية هو السبب المباشر في عدم إجراء التعداد و عدم الإستقرار. ومن غريب الصدف أن تناقلت الأنباء في اليوم التالي خبر مطالبة رئيس الوزراء نوري المالكي بتعديل الدستور لصالح تقوية السلطة المركزية ومعارضة الأكراد وإتهامهم له بالدكتاتورية، ثم توالت المقالات في المواقع العراقية حول نفس الموضوع.

والحقيقة أن الصراع بين دعاة المركزية ودعاة الفيدرالية ليس وليد الساعة، بل هو قديم قدم قيام الدولة العراقية في أوائل القرن العشرين، بل هو أساس الصراعات السياسية بين الأحزاب الرئيسيةفي كثير من الدول العريقة في التقاليد الديمقراطية، وأن إدخال قرار الفيدرالية في الدستور العراقي ما هو إلا محاولة ساذجة لحسم الجدال قبل بداية الحوار حول شكل وكيفية الحكم، في حين إنه موضوع مفتوح للنقاش أمام الشعب في أي وقت إن شاء البعض أم أبى، و هو أساس الحوار الديمقراطي كما أسلفنا فإن لم نناقش المركزية والفيدرالية فلا فائدة من الديمقراطية. مع ذلك نجد أن الإنتقادات الكردية على جانب من الصواب والسبب يتلخص في كلمة واحدة: التفويض. أن الإنتخابات التي جائت بالحكومة الحالية لم تطرح بالمركزية كموضوع أساسي، لذا فليس هنالك تفويض بإتباع سياسة تقوية المركزية، وحتى لو لم نتفق على هذا فلا أعتقد أن هنالك تفويض من حزب الإئتلاف الموحد لهذا الطرح. أجل، إن رئيس الوزراء قد إكتسب شعبية يستحقها بجدارة لكن الشعبية بمفردها لا تهب التفويض في النظام الديمقراطي وكان الأحرى بالمستشارين أن ينتبهوا و ينبهوا لهذه النقطة.

أن الطريق الى تقوية المركزية أو تحديد شكل الفيدرالية لابد أن يمر بمرحلة التفويض الصريح بعد عملية التعداد والإنتخابات الخالية من التدخلات الخارجية وإملاآت الإحتلال، حينها يستطيع القادة أن يترجموا شعبيتهم الى تفويض لسياساتهم ودعواتهم لتعديل الدستور.

The End

التيار الصدري يطالب الإتحاد الأوربي بإشراف الأمم المتحدة على الإنتخابات في العراق

November 7th, 2008

طالعنا موقع إتجاهات حرة بخبر زيارة وفد التيار الصدري لمركز الإتحاد الأوربي في العاصمة البلجيكية بروكسل في أكتوبر تشرين الثاني الماضي ومطالبته بإشراف الأمم المتحدة على عملية الإنتخابات في العراق، ويسعدنا سماع هذا الخبر حيث أن بعض الكتل الأخرى التي تؤيد هذا التوجه سرا لم تفصح عن رغبتها علنا، ونحن نأمل أن يؤدي إفصاح التيار الصدري الى مشراكة الكتل الأخرى في علانية المطالبة بإشراف الأمم المتحدة على تعداد النفوس والإنتخابات.

ومن أجل أن نحقق مطالبنا ولكي لا تبقى حبرا على ورق يوجب علينا أن نضعها بالصيغة المناسبة، فلا يخفى أن قرار الإشراف سوف يصدر بموافقة الولايات المتحدة ولتحقيق سياستها وليس فقط لمصلحة العراق والعراقيين، لذا فالصيغة المناسبة هي التي توضح جميع المصالح وتقنع الأدارة الأمريكية الجديدة بجدوى وجدية إشراف الأمم المتحدة.

ونحن إذ نرحب بأي جهد وبأي مكان لدفع عجلة الأحداث ندعو الى التواصل وتنسيق الجهود نحو الهدف المشترك بإستقلال العملية السياسية في عراقنا الحبيب من جميع التدخلات الخارجية وجعلها وسيلة سلمية و فعالة لإنتقال السلطة وليس ذريعة لإستمرارها بيد فئة معينة أيا كانت.

The End

Open Letter to the US President Eect

October 31st, 2008

It is no secret to some of us Iraqis that passports and ID documents can be issued quickly from inside Iraq by bribery or by favoritism. And it is no secret that those responsible for issuing thousands of passports to non-Iraqis by our embassy in Sweden have returned to their original positions in the embassy only a short time after the scandal, which lead to rejecting passports with the “S” designation by many nations and to the suffering of millions of displaced Iraqis. So, when we hear that an Iraqi friend whom we know well was refused a passport because he submitted a copy of proof of citizenship, not the original, we don’t think that our government became very keen and responsible all of a sudden; we know that Iraq’s population records are available in Iraq, the United Nations and in other countries, and if the passport administrators wanted to they can easily confirm the authenticity of a record. But the pretense to follow due process in order to cover up favoritism, corruption and sectarianism has reached new heights in Iraq, and there is no way to normalize the situation and improve security to bearable levels without taking drastic actions.

The loss or hiding of population data has consequences beyond the immediate suffering of the individuals; no reliable census data means security and stability are degraded and the political process is subject to bias and outside influence. But its most profound consequence is the loss of millions of displaced Iraqis of their human rights as upheld by the U.N. charter, such as human dignity, freedom of movement and security as well as suffering difficulties of aid distribution from international organizations. On the state level, its consequences include threatening the stability and security of neighboring countries and the region, which makes dealing with the issue the core responsibility of the Security Council.

We read in the news that some Iraqi government officials bravely called for census to run by their local administration, we do not doubt the good will and sincerity of these individuals but we have to point out some costly risks associated with following this path: First, deciding the criteria for carrying Iraqi citizenship is a thorny issue and dealing with it will invariably raise controversy and division, we believe the safest alternative is to let the United Nations make the hard choices, since it has the credibility and impartiality in dealing with all parties, and can supervise the census process, guard the data and issue the documents fairly. Second, if census is treated like other political issues of lesser importance and another fragile consensus is sought then it could lead to a situation similar to the Iraqi parliament’s approval of law of municipal elections, where only partial agreement was reached which does not cover the entire population. We see the solution is in seeking a Security Council mandate which is binding to all parties.

On the occasion of the US presidential elections, with the changes it will bring to foreign policy, we wish to send the new president elect the following open letter:

It is no secret that the administration of Pres. George W. Bush had open and covert exchanges with its Iraqi allies, including factions belonging to political Islam. We saw that the resulting alliances empowered parties with little or no democratic credibility, which deprived the political process from its credibility and lost hope in democracy as a means of bringing political change to the better, instead, these alliances legitimized election coercion, the use of religious symbols and un-investigated fraud, and lead to the expectation of continuing governance as usual. The continuing U.S. running of the political process in Iraq is being exploited by its Iraqi allies in repression, corruption and sectarian practices thinly veiled with token words and practices to inspire the opposite. Therefore, we urge you to support a Security Council mandate to run a population census and supervise future elections for a limited time period in Iraq.
Best regards.

The End

الى الرئيس الأمريكي المنتخب

October 26th, 2008

نحن عراقيون لا يخفى علينا أن جوازات السفر وأوراق الهوية يمكن الحصول عليها بالمحسوبية أو بالمال من داخل العراق. ولا يخفى علينا أن المسؤولين عن إصدار الآلاف من الجوازات لغير العراقيين من سفارتنا في السويد قد عادوا الى مناصبهم الأصلية بعد وقت قصير من الفضيحة التي أدت الى سحب الإعتراف بالجواز من فئة والى معاناة الملايين من المهجرين.

لذا فنحن عراقيين حين نسمع بأن صديقا عزيزا لنا في بلاد الغربة، وغيره لعلمنا كثيرون، نعرفه حق المعرفة عراقي أبا عن جد قد رفض طلبه لإستصدار جواز سفر بسبب تقديم صورة شهادة الجنسية وليس الأصل لا يخفى علينا بأن الأمر ليس من قبيل إظهار الحرص المفرط لحكومتنا على إستصدار الوثائق الرسمية لأننا نعرف بأن سجلات تعداد النفوس والجنسية موجودة في العراق ودول أخرى وفي الأمم المتحدة ولو أرادت الإدارة المختصة لتأكدت منها بسهولة، ونعلم بأن مستندات الجنسية والهوية هي أصلا ملك الدولة وليس الأفراد وهي المسؤولة عن إثباتها، ولكن التظاهر بالحرص والأصولية لتغطية الفساد والتحيز قد بلغ أعلى مستوياته في العراق ولا سبيل الى تطبيع الأوضاع وتحسن الأمن إلا بإتباع إجرآت جذرية.

أن فقدان بيانات النفوس أو إضاعتها لها نتائج تتعدى معاناة الأفراد، فهي تؤثر على الأمن والإستقرار وتوازن القوى في العملية السياسية، لكن من أوسع نتائجها وأعمقها أثرا هو فقدان الملايين من المهجرين العراقيين لحقوق الإنسان المضمونة في لائحة الأمم المتحدة من كرامة الإنسان و حرية الإنتقال والأمان وإستلام المعونات الدولية، كما وأن من تداعياتها تهديد أمن وإستقرار دول الجوار والمنطقة عموما، مما يجعل معالجتها من صميم مسؤولية مجلس الأمن للأمم المتحدة. ولا يخفى علينا أن بعض المسؤولين في الحكومة العراقية يدلون بتصريحات جريئة يدعون فيها لتعداد النفوس بتنسيق وإشراف داخلي، ولا نشك بحسن نية هؤلاء وغيرتهم على سيادة الدولة وإشرافها التقليدي على التعداد لكن علينا أن ننبه الى إحتمالات مكلفة من جراء المسير في هذا الإتجاه: أولا أن تحديد معايير الإستحقاق للجنسية العراقية هو مسألة شائكة وأن الخوض فيها لابد أن يثير الجدل والإنقسام والحل السليم هو في إحالتها الى الأمم المتحدة فهي الجهة المختصة ذات المصداقية لدى الجميع التي تستطيع الأشراف على التعداد والحفاظ على النتائج وتوزيع المستندات بالشكل العادل، ونذكر بأن أي دور خارجي غير محايد في تحديد معايير المواطنة سوف يضر بمصالح الجهة المتدخلة في المدى البعيد، حتى لو كانت هذه الجهة هي الولايات المتحدة. ثانيا أن إدراج موضوع التعداد تحت بند المساومة السياسية قد يؤدي الى موقف شبيه بإتفاق قانون الإنتخابات المحلية، أي أن نصل الى تعداد جزئي لا يغطي مساحة العراق بكاملها و لا يلزم جميع الأطراف، والحل هو في إستصدار قرار من مجلس الأمن يكون ملزما لجميع الأطراف. لذا ننصح السادة ذوي الشأن بتوفير جهودهم ودعواهم لتعداد السكان بدون إشراف دولي.

وبمناسبة قرب إنتخاب رئيسا جديدا للولايات المتحدة مع ما سوف يرافق ذلك من سياسات جديدة للتعامل مع الواقع العراقي نود أن نوجه نداء مفتوحا للرئيس الجديد كما يلي:

نحن عراقيون لا يخفى علينا أن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش قد تفاوضت بالسر والعلن مع حلفائها من الأحزاب العراقية بما فيهم من تيارات الإسلام السياسي، ونرى فيها من التحالفات التي سلبت العملية السياسية من مصداقيتها وأفقدت الأمل في الديمقراطية كوسيلة لتغيير الحكم نحو الأفضل، بل شرعنت التدخلات والتزوير في الإنتخابات وأدت الى التوقعات بإستمرار الحكم على نفس الأسلوب. أن إستمرار إشراف الولايات المتحدة المباشر على العملية السياسية في العراق يستغل من قبل حلفائها العراقيين في القمع والفساد وترسيخ الممارسات الطائفية والتعسفية المغطاة بعناية بقشرة توحي بالعكس، لذا ندعو الرئيس المنتخب الى إستصدار قرار من مجلس الأمن ملزم لجميع الأطراف لإنتداب الأمم المتحدة للإشراف المباشر على عملية تعداد السكان والإنتخابات لفترة محددة، وتقبلوا فائق التحيات.

The End

المعاهدة الأمنية بين التأييد والرفض والحياد

October 19th, 2008

لمعاهدة الأمنية المرتقبة بين الولايات المتحدة والعراق خلقت الكثير من التجاذبات بين الأطراف العراقية بين مؤيد يحذر من خروج الأمريكان الفجائي الذي يمكن أن يؤدي الى الحرب الأهلية والتدخلات السافرة للجيران والمجازر المحتملة، وبين رافض يندب سيادة العراق المنسية و يؤكد أن المعاهدة هي الدائمة والقواعد باقية على الرغم من نصوص المعاهدة. ونحن كمراقبين من على بعد لا يسعنا إلا الأسف على الشرذمة والفرقة التي لا يمكن قبولها أو تبريرها بين جهات وتيارات عراقية الأصل والغاية.

نقول للأطراف المتحمسة بإلحاح نحو المعاهدة والخائفة من مغادرة المحتل المفاجئة أن الأمريكان أتوا بناء على مصلحتهم الخاصة وإن إختاروا أن يحموا حدودنا فسوف يفعلون ذلك بناء على مصلحتهم الخاصة. أن إرادة العراق لن تقوى بالمعاهدات الخارجية والإعتماد على قدرات الآخرين بل بالإستقلال عنهم في العملية السياسية، والخطوة الأولى للإستقلال هي في تحديد هوية العراقيين بحياد وبدون إستثناء وبالرجوع الى مقاييس وإشرافات دولية في عملية تعداد النفوس.

أما الأطراف الرافضة الغيورة على سيادة العراق والنافية لجميع بنود المعاهدة قبل التأكد منها فنقول لها أن الوطنية والإخلاص والحرص على مصلحة العراق ليس حكرا عليها وأن مقياس المواطنة ليس فقط الخلاص من المحتل بل هو أيضا الحرص على وحدة الصف من أجل إتخاذ الموقف القوي الموحد أمام المحتل وأن موقف الرفض المطلق يستبعد الكثيرين ويخونهم ومنطق الإستثناء هذا مرفوض في الأنظمة الديمقراطية، وإن شئتم الوصول الى دفة الحكم بالطرق الديمقراطية فبالأحرى أن تطالبوا بالإنتخابات الحرة بضمان وإشراف الأمم المتحدة، فالإستقلال السياسي أهم من الخروج الصوري وإستمرار الإنتخابات على نفس المنوال الحالي وبضمانة المحتل سوف لن يؤدي إلا الى إستمرار الولاء لإدارة المحتل.

إننا مع موقف الحياد من موضوع المعاهدة الأمنية لأننا نعتقد بأن المعاهدة بوجودها أو بدونها ليست أساسية، فهي لا تعالج إستقلال العملية السياسية وهي مرتبطة بالإدارة الأمريكية التي ليس أمامها إلا شهران ثم تتغير، والإدارة الجديدة لم تعرف بعد ولا تضمن موافقتها. أما ملاحظات السياسيين العراقيين أو إعتراضاتهم على عدم سريان القوانين العراقية على محاكمات الجنود الأمريكان فهذه المادة ليست مرتبطة بالرئيس الأمريكي بل هي من شروط الكونغرس الثابتة، ومن يعترض عليها بعد تخفيف وقعها الى النص النهائي الحالي فهو كمن يرفض المعاهدة بأي شكل جملة وتفصيلا، وعلينا أما قبول إعتراضهم ورفض المعاهدة أو العبور من فوق الأعتراضات والتطلع الى عام 2011 حيث يمكن إلغائها بصورة قانونية.

The End

المهرج والعقاب

October 4th, 2008

يستلم أبنائنا الطلبة في الوطن الحزين هذه الأيام نتائج إمتحانات الإعدادية وقد إستوقفنا حدث لا يصدق، فقد تفاوتت نسب النجاح بين المناطق المختلفة على أساس طائفي، وعلى سبيل المثال فقد نجح في سامراء بين مجموع 360 طالبا دخلوا إمتحانات الإعدادية نحو 6 منهم حصرا. وقد تظاهر الطلبة في بعض المناطق وعم إستياء الأسر العراقية ولم تغطي وسائل الإعلام هذه الأحداث بصورة كافية. أن هذه النتائج التي طال إنتظارها لابد وأن تمت بمعرفة الوزير المختص وهي مشبوهة على أقل تقدير ولا تستحق الأخذ بها بجدية نظرا لأنها غير معقولة إحصائيا ولا تعدو كونها تهريجا ولا ترقى الى إعتبارها من المواجهات الطائفية لأن من السهولة بمكان إعادة التقييم، وإن إختفت كراريس الإمتحان فجأة و بقدرة قادر فهذا اليقين بأن العملية من فعل مهرج يجيد الألعاب السحرية. لكن الطائفية تكمن في ما إذا تكررت التغطيات لهذه الأفعال المشينة والمكلفة للدولة وفلت المهرج من العقاب، حيث أن لابد من إعادة التصحيح أو الإمتحانات بكاملها من أجل الحفاظ على سمعة ومصداقية مقاييسنا التعليمية، حيث أن خريجينا منتشرون في جميع أنحاء العالم وفقدان المصداقية العلمية لا يوثر في مجريات الداخل فحسب وإنما يفقد الإعتراف بشهاداتنا ويؤخر تقدمنا شعبا وأفرادا.

The End

مونتريال المحظوظة

September 13th, 2008

إستلمنا إعلانا الأسبوع الماضي من القنصلية العراقية تحت الإنشاء في مدينتنا مونتريال، ويحتوي الإعلان دعوة للتقديم على وظائف في القنصلية، وما استوقفني طويلا هو تعداد هذه الوظائف: مطلوب 16 موظفا من مختلف الأوصاف ما يعني أن مجموع الموظفين في القنصلية سوف يكون 18 فردا أو أكثر، علما بأن تعداد العراقيين في منطقة مونتريال يتراوح ما بين 5000 أسرة و5000 فرد. وهنا نشعر بأن مدينتنا ونحن العراقيين الساكنين فيها  بأننا محظوظون لهذا الإهتمام الزائد والغير مألوف لعلمنا بأن العراق هو الدولة الوحيدة التي لديها قنصلية في مونتريال  وليس في أي مدينة أخرى من مدن كندا عدا العاصمة أوتاوا التي تبعد أقل من 200 كيلومترأ والتي أشك في أن يكون فيها هذا العدد من الموظفين العاملين، وسمعنا أنها قد شعرت بالغيرة والحسد، أما تورونتوالتي يوجد فيها عشرات الأضعاف من الجالية العراقية فأخذت تسب وتشتم ولندن أونتاريو تندب حظها العاثر وكالغاري تلعن و فانكوفر  تولول من بعيد وأحسن أن لا نسمعها.. ولا يسعنا إلا أن نتسائل عما سوف يعمله هذا العدد من الموظفين في خدمة الجالية العراقية..وعلينا الآن أن نتوقف وندع الخيال للقارئ اللبيب وإلا فسوف يتهمونا بالطائفية أو، لا سمح الله، بالشوفينية المقيتة..

The End