خواطر سورية

October 6th, 2013

يفسر الكثيرون في منطقة الشرق الأوسط الإتفاق المرحلي بين الروس والأمريكان على تجريد الحكومة السورية من الأسلحة الكيمياوية على أنه تراجع مرغم من الجانب الأمريكي وتصاعد أكيد وطويل الأمد لروسيا على الساحة العالمية على طريق إستعادة دورها كقوة عظمى.

لا أحد يستطيع الإنكار بأن بريطانيا وأمريكا قد تراجعتا عن ضرب الحكومة السورية لأسباب داخلية، لعدم توافر الدعم والدافع الداخلي لمبادرة كهذه، ولا أحد ينكر بأن الدبلوماسية الروسية إستطاعت إستغلال الفرصة لأنتزاع الإتفاق الذي يستطيع إنقاذ حليفتها السورية من براثن الضربة الأمريكية، لكن لا ينبغي الخلط بين أهمية العامل الداخلي مع وجود المشاكل الإقتصادية للحكومة الأمريكية و لكن إحتمال إنفراجها كليا خلال شهر أو شهرين من ناحية، وإنتهازية ووقتية العامل الخارجي الخاضع لمتغيرات إقليمية سريعة التغيير على طول الطريق من ناحية أخرى. فالموقف لا يزال متغيرا سريع التطور. ولا يعني التنفيذ الجزئي لإتفاق التجريد أن الضربة قد منعت بل العكس، فأن وجود الإتفاق يبرر زيادة الضغط على الحكومة السورية من أجل المضي في الكشف الكامل والنهائي للأسلحة الكيميائية، فالإتفاق بحد ذاته لا يعطي الخيار أمام الحكومة السورية بعدم التعاون وإنما يعطي الأمريكان والغرب المبرر العقلاني للضربة عوضا عن الضربة العقابية الأولى التي كانت لا تؤدي إلى نتيجة منفعية، وإضافة الإتفاق في موقف كهذا سوف يعمل على التغير في العامل الداخلي.

والخاطرة الثانية تؤدي إلى تساؤل عن هوية الجهة المسؤولة عن الهجوم الكيميائي على ضواحي دمشق، وهذا الموضوع القديم قد ناله الكثير وأكثر من إستحقاقه من النقاش على وسائل الإعلام. فقد تناقلت وسائل الإعلام يوم أمس أنباء عن قصف قوات المعارضة مدينة طرطوس معقل الأقلية العلوية وملجأ الكثيرين من الأسر السورية الهاربة من جحيم المواجهات في مناطق أخرى. والتساؤل هو: لو كانت قوات المعارضة هي فعلا التي قذفت ضواحي دمشق بالكيميائي فما الذي يمنع أن تقذف طرطوس بها؟ مجرد تساؤل.

The End

مو صوج المالكي

September 22nd, 2013

يتمنى الكثيرون هذه الأيام عودة الماضي بسبب الإرهاب وعدم الإستقرار في ربوع العراق، فالتدهور المريع في المجتمع من إنتشار الفساد وإنحطاط الأخلاق وإدعاء التدين يدفع المرء إلى طلب الراحة في الإبتعاد عن الواقع الأليم في الخيال وتمني رجوع الماضي. ومن أكثر هذه الأمنيات ذكرا هو تغير شخصية رئيس الوزراء وكأن هذا الأمر لوحده سوف يرجع الأمان ويصلح الأوضاع ويحل المشاكل.

نقول أن المشكلة ليست في الأشخاص ولكن في المؤسسات وغيابها. لا يهم إن كان فلاناَ وهو في قمة السلطة جيدا أم سيئا، ولا شك أن هنالك العديد من الخيرين بين المرتشين والسراق ولكنهم الإستثناء الذي يؤكد سريان القاعدة في غياب المؤسسات. فالسارق والمجرم لا يحاسب والشريف لا يكافأ على أمانته بل على ولائه. وتغير الحاكم بآخر لا يعيد إنشاء مؤسسات الدولة، وإن تم هذا فلن يكون سوى تمثيلية سمجة وضحك على الذقون.

لذا نقول: روح بفالك أبو إسراء شوف مصلحتك، المؤسسات تروحلك فدوه، الديمقراطية عربانة عتيقة توصلك للحكم وتحترك، الإنتخابات تقاليد أجنبية للكفار مانريدها. بس دير بالك من البوابة الشرقية لا يروح يجيلك هوى يشيلك، موفد يوم تكعد تلكي أيران مكوشة على نفط الجنوب وتريد تتحكم بالعالم تكول آنني عراقي ما أقبل أو موصوجي لأن بس هذوله ما تكدر عليهم.

وأتذكر أسطورة فاوست.

The End

ذيل الكلب في سوريا

September 15th, 2013

قيل ويقال الكثير من الأخبار عن المواجهة بين الحكومة السورية وحلفائها الروس من ناحية والأمريكان وحلفائهم من ناحية أخرى بسبب إستخدام السلاح الكيماوي ضد المواطنين العزل في ضواحي دمشق. ولسنا بصدد إستعادة الأخبار أو تلخيصها ولكن هنالك بعض الخواطر التي قد توضح سياقات الأحداث وعلينا طرحها للإستفادة.

مما قيل في أوساط المعارضة أن الحكومة السورية قد قامت بنقل كميات من العتاد الكيماوي إلى مواقع حلفائها في العراق ولبنان، وهذا يذكرنا بما قيل عن تواجد أسلحة الدمار الشامل في العراق وكيف تم نقلها إلى سوريا قبيل الأحتلال الأمريكي وذلك لتجنب إنكشافها أمام لجنة الأمم المتحدة. لا نستطيع التكهن بمصداقية أي من هذه الروايات لكننا نستطيع القول بأن الوضع في سوريا غير الوضع في العراق سابقا، فالسلاح الكيماوي قد يفيد الحكومة السورية تحت اليد في موقع الأحداث لكنه غير ذي فائدة حينما يتم تخزينه بعيدا عبر الحدود، وذلك لأن خطوط الأمداد إلى مواقع الحاجة تطول مما يزيد من خطورة النقل والتأخير والإنكشاف، لذا فأن هذا الخبر، إذا كان صحيحا، فأنه يشكل مجازفة لتحركات الحكومة.

يشكل وجود مفتشين دوليين على الأراضي السورية طرفا للمقايضة بيد الحكومة السورية، فقد يصعب على الولايات المتحدة إجراء الهجوم المرتقب خلال وجودهم خوفا من إتخاذهم كرهائن في أرض المعركة. ومن ناحية أخرى فأن إستمرار المواجهات مع المعارضة وإحتمال إستعمال الأسلحة الكيماوية مع وجود المفتشين يجعل فرض الإنتداب الدولي على سوريا أكثر إحتمالا، وإذا أستطاع الروس المفاوضة فقد يفرضوا إستمرار وجود قاعدتهم البحرية مقابل موافقتهم على التصويت لصالح العمل المشترك أو الإنتداب.

المثل الشعبي الذي يشبه طبيعة الفرد السيئة التي لا تتغير مهما تغيرت الظروف بإعوجاج ذيل الكلب، فيقال مثلا أن فلانا طبيعته عدوانية لا تتغير كذيل الكلب. أن الجهة التي أطلقت القذائف الكيماوية أظهرت طبيعتها العدوانية التي بلا شك سوف تعيد الظهور أمام المراقبة الدولية، حينها سوف يحصل إتفاق أو نوع من التفاهم بين الروس والغرب يتبعه عمل أو أعمال مشتركة خلال الأمم المتحدة.

The End

من المسؤول عن القذائف الكيمياوية على ضواحي دمشق؟

August 25th, 2013

أثارت أنباء القذف الكيمياوي على ضاحية الغوطة وغيرها من أطراف دمشق، وخصوصا صور الضحايا من أطفال يعانون من حالات الإختناق، عواطف وسخط الكثيرين في جميع أنحاء العالم. ولا نبالغ حينما نقول أن معرفة هوية الجهة التي قامت بهذا العمل الإجرامي قد أصبحت على قمة مشاغل السياسة الخارجية لدى العديد من البلدان، ونظرا لهول هذه الأحداث التي أصابت الآلاف من الأبرياء بأستعمال اسلحة محرمة دوليا فلن تنفع الضبابية في الإتهامات المتبادلة بين الحكومة السورية وقوات المعارضة لحجب المعتدي.

أن سوابق الأعمال الوحشية والتظليل في التعامل مع وسائل الإعلام تطال الجهتين، وأن التوقيت في الضربة وذلك خلال بداية زيارة المفتشين الدوليين يلقي بظلال الشبه بداية على المعارضة من ناحية، لكن من ناحية أخرى فأن تشتت قوى المعارضة وتكرار الضربة على نواحي متعددة من مناطق سيطرة المعارضة والتي يبلغ تعدادها من 8 إلى 10 أهداف بين شرق وغرب العاصمة دمشق يعكس الإشتباه ويشير إلى الحكومة التي وحدها تستطيع التحرك على هذا التعداد من الأهداف بأوقات متقاربة.

أن جميع هذه الإعتبارات لا تعدو كونها دلائل وليست براهين، لكن وسائل التكنولوجيا العصرية قادرة على تقديم البراهين بدون أدنى شك، فالأقمار الصناعية ذات المدارات المنخفضة وطائرات المراقبة بدون طيار تستطيع جمع الصور ذات الدقة العالية والسريعة التي تميز مصادر القذائف الكيمياوية، وهذه موجودة لدى الروس والأمريكان وقد إدعت روسيا أولا بأنها قد حددت بعض المصادر وأعزتها إلى قوات المعارضة. ولم تحدد أي من الأهداف ولا توقيت الإطلاق مما يخلق ضبابية أخرى وشكوك حول النوايا الروسية. وفي المقابل فقد تبعتها الولايات المتحدة وفرنسا بتصريح قالتا فيه بأنهما واثقان 100% بأن مصادر القذائف هي حكومية. وتبعته بإرسال حاملات الطائرات إلى شرق المتوسط لتوجيه ضربة بالصواريخ الموجهة كروز.

وفي آخر التطورات فقد أعلنت الحكومة السورية صباح اليوم عن قبولها بزيارة الوفد الأممي إلى جميع المناطق المنكوبة، ولو كان هذا القبول قد جاء بعيد الضربة مباشرة لكان قد دخل في حسابات الدلائل، لكنه قد جاء بعد ظهور البراهين وأصبح زائدا عن الطلب..

The End

حرب الخسارة في مصر

August 18th, 2013

تتوالى الأحداث المؤسفة في مصر الحبيبة التي سقط فيها المئات من الشباب في مظاهرات تدعو إلى عودة الدكتور محمد مرسي إلى رئاسة الحكومة بعد أن أقصاه المجلس العسكري برئاسة الجنرال السيسي. أن أحداث مصر لا يمكن تجاهلها في العراق ولا في أي من دول المنطقة فالتشابهات في المسارات السياسية والتوازيات عميقة والتأثيرات المتبادلة لا يمكن نكرانها.

لا شك أن قرارات القمع العسكري على المتظاهرين تعود إلى عقليات عسكرية ومفاهيم عفى عليها الزمن وتظهر “فرعنة” وإجرام بحق الأبرياء لكن المسؤولية مشتركة.

فتوضح الأحداث هشاشة الألتزام بالمبادئ الديمقراطية والرجوع إلى صناديق الإقتراع حينما تحصل الإنقسامات والإختلافات بالرأي، وكما علق أحد المنتمين لتيار الأخوان المسلمين في مقابلة على البي بي سي، أن كل ما كان يريده وعمل من أجله الدكتور مرسي هو بناء دولة (ديمقراطية) بمرجعية إسلامية، وقالها ببراءة الأطفال وكأنها تبرر جميع تصرفات حكومته. ولا يهمنا هنا أن تكون المرجعية إسلامية أو شيعية أو حتى شيطانية، ما يهمنا هو من يحاسب المرجعية لو أخطأت في قراراتها أو أحكامها وما هي آليات المحاسبة؟ أن قرارات المواجهة والتظاهر قد أتخذتها مرجعية غير منتخبة وأن المرجعية ليست معصومة لكن حسابها على الله، ودخلت على الخط السياسي طرفا ثالثا مستترا يبطل التفويض الإنتخابي.

أن جميع الأطراف وحتى العملية السياسية برمتها قد خسرت من أحداث سقوط الضحايا في مظاهرات مصر.

The End

لمحات التشابه في المسار السياسي بين العراق ومصر

August 11th, 2013

سألني جليسي وكان من دعاة حزب التحرير إن كان لدي مرجعية، قلت له إنني سنيا وأحترم آراء الأزهر في الأمور الدينية لكنني لا أعتبره مرجعية وليس لدي مرجعية غير ذلك، قال لي هذا غير صحيح فالذي لا يعتمد على مرجعية تكون مرجعيته الشيطان!! وذكر نصا دينيا يؤكد على ذلك. حصل هذا الحديث منذ سنين عديدة لكنه أخذ يطفو في الذاكرة في سياق البحث عن أوجه التشابه في الأحداث السياسية بين العراق ومصر، فالأثنان إبتدئا مسار الديمقراطية بقيادات ذات مرجعية دينية مؤثرة على الأمور السياسية.

وقد يعتقد البعض بأن رجوع القادة إلى أصحاب الرأي والتشاور حول الأمور السياسية هو من الأمور الطبيعية وأن الرجوع إلى مرجعية ثابتة هو من هذا القبيل لكن الواقع غير ذلك، فطلب الشورة شئ والمرجعية شئ آخر. رأي المرجعية هو توجيه بين ما يملى من حلال أو حرام والنكوص عنه قد يعتبر عصيانا في حين أن المشورة تدور حول درجات الفائدة والضرر وهي طبعا غير ملزمة في جميع الأحوال. والمشكلة تكمن في المرجعية ذات الرأي السياسي حيث أن القائد الذي جاء إلى موقع السلطة بالتصويت يكون مقيدا وموجها برأي مرجعيته والذي ليس من بين الوعود التي أعطاها للناخب.

الناخب والمرشح هما طرفان في عقد يتم فيه منح الصوت مقابل التعهد في تنفيذ الوعود الإنتخابية، ودخول المرجعية طرفا ثالثا تحت العباءة يكون له التأثير والإمتيازات بدون أن يخضع للمسائلة يبطل العقد. هذا هو لب الصراع السياسي برأيي في العراق ومصر، وسبب النجاح المحدود في التجارب الديمقراطية السابقة هو إبتعاد المرجعيات، طوعا أم قسرا، عن التأثير المباشر في أمور الحكم.

بل أنني أجادل بأن العلمانية في الممارسة العملية ما هي إلا إبعاد الأطراف ذات الإمتيازات بدون أن يكون عليها المسؤوليات والتي تبطل العقد الإنتخابي، ولا يعني ذلك إبعاد رجال الدين عن السياسة، بل العكس، فقد جادلني صديق حول المرشح أياد جمال الدين وقال مبررا خسارته في الإنتخابات البرلمانية العراقية السابقة، كيف تثق في رجل يدعي العلمانية ويلبس العمامة؟ وأقول ليس العلماني من لا يؤمن فأيمان المرشح لا يبطل العقد الإنتخابي وهنالك الكثير من القادة العلمانيين الملتزمين دينيا، لكن ممارسة العلمانية هي تأكيد العلاقة المباشرة بين الناخب والمرشح الإنتخابي وعدم وجود أطراف دينية أو عقائدية مستترة تبطل العقد بينهما.

The End

كلام عن مرسي

July 7th, 2013

كثرت التعليقات والإنتقادات للرئيس السابق محمد مرسي من ناحية وللجيش المصري الذي أقاله من ناحية أخرى وهذه مساهمتي المتواضعة في كلمتين وبس..

ففي خطابه الأخير قبيل تنحيته هلل الرئيس مرسي وأعرب عن سعادته لأنه أصبح لديه مرجعية، وواضح أنه يعني مرجعية الأخوان المسلمين المتمثلة في المرشد العام الذي يقبع خلف الكواليس ويفتي في الأمور الدنيوية والسياسية في دور يشبه دور الولي الفقيه في أيران وما على الحكومة إلا التنفيذ. وفعلا تناقلت رسائل الإنترنت لقطة فيديو يملي فيها المرشد العام خطاب الرئيس بحذافيره ويؤدي دور المرجعية السياسية.

خطب مرسي السياسية ومرجعيته تدعوان إلى المقارنة مع خطاب جون كندي في الدقيقة 1:40 الذي يقول فيه لن يكون أول رئيس ينصت لقس كاثوليكي كي يلقنه كيف يتصرف، شتان بين الإثنين..

أن إنتخاب الرئيس هو تفويض محدود لفترة محدودة وليس هبة من الله وقدر مقدر لأجل غير مسمى، والتفويض المحدود هو من أجل الشعب بأجمعه فالرئيس لا يعمل من أجل من أنتخبه فحسب بل من أجل عموم الشعب وهذا جزء من التفويض وليس ترجمة زائدة أو خاصة بأمريكا أو المجتمعات الغربية، فأصوات المعتدلين ومساهمة الأقليات ماكانت تتحقق لو أن التفويض يعني التسلط. والأصوات التي أتت به لم تعطى لمرجعيته بل له شخصيا بناء على برنامج عمل وسياسة أعلنها على الملأ وأن رجوعه إلى مرجعيته في أمور السياسة وإعتماده على آراء دينية تفضل فئة من الشعب على أخرى يعد إخلالاَ وتعديا على التفويض .

لا ندعي أن على الديمقراطية في البلاد العربية أن تتبع المثال الأمريكي لكن يريد الناخب المصري والعراقي وغيره من العرب أن يعرف قبل أن يدلي بصوته: هل أن صوته سوف يذهب إلى المرشح الذي ينتخبه أم لمرجعيته؟

ليس من شأن الناخب أن يعرف طريقة تعبد المرشح أو تفضيله لسماع الآذان، لكن معرفة مرجعيته إن كان لها فتاوى سياسية هي جزء من أسباب التصويت له، وإذا ما إختار الرئيس المنتخب تغيير مرجعيته في منتصف فترة أستخدامه أو غير المرشد العام (مستر مولانا) من أحكامه المعروفة فهذا مدعاة للرجوع إلى الشعب وإعادة الإنتخابات.

The End

المعارضة والطائفية

June 23rd, 2013

أثار إهتمام الكثيرين مقالة لحميد الكفائي بعنوان الحكومة تصنع معارضتها أبتدأها بمقولة: طبيعة النظام الحاكم تفرز نوع المعارضة له، وتجعلها معارضة سياسية أو مسلحة.

ولا شك أن هذا هو وصف لآلية فيها الكثير من المصداقية في شرقنا العربي والإسلامي، على الرغم من وجود أمثلة بارزة على عكس ذلك كالدكتاتوريات الناجحة التي لا تزال مستمرة إلى الآن والتي لم يتمكن أي نوع من المعارضة أن يؤثر على الحكم بشكل فعال.

لكننا في أقاليمنا المفتوحة لا نستطيع عزل أوطاننا من التأثيرات الخارجية كدول مثل كوبا وكوريا الشمالية، لذا نجد أن ما يصيب إحدى جاراتنا ينتقل إلينا بالعدوى السريعة.

ما لم يكمل المقال من إستنتاج منطقي هو مسؤولية النظم عن الإتجاهات الطائفية، فإذا أفرزت طبيعة النظام الحاكم نوع المعارضة فلماذا لا يحتوي ذلك نوع الطائفية، سياسية كانت أم مسلحة؟

أن أسوأ ما في هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا هو أستفادة الحكام من الطائفية، مما يعززها ويجعل أسباب بقائها طويلة الأمد. نحن لا ننكر أن الطائفية كانت موجودة في السابق لكنها كانت واحدة من آليات وأحكام مسبقة عديدة كالعشائرية والمناطقية، والإنتماء إلى المعارضة لم يكن بناء على الطائفية. أما الآن فقد أصبح الإنتماء الطائفي هو الأساس ونحن في منتصف الطريق إلى “لبننة” مجتمعاتنا والمسؤولية الأعمق تقع على النظام الحاكم الذي بيده زمام المبادرة وبالدرجة الثانية على المعارضة التي ليس بيدها إلا أن تتبع إفرازات الحكام وأساليبهم في التعامل معهم.

The End

لا غزة ولا لبنان

June 16th, 2013

في مقابلة على قناة البي بي سي وصف أحد المعلقين السياسيين أناشيد الإنتخابات الأيرانية المؤيدة للمرشح المعتدل روحاني والتي تقول: لا غزة ولا لبنان..نحن فداء لأيران. ومننا كثيرون في الدول العربية نتعاطف ونؤيد هذا التوجه أكثر من التوجهات المتشددة والداعية للتدخل في مشاكل الدول الأخرى. فأيران القوية إقتصاديا والمزدهرة داخل أراضيها هي سند لدول المنطقة العربية، لكن أيران القلعة المغلقة على نفسها طائفيا من ناحية والماشية بعقلية التوسعات الأمبراطورية البالية من ناحية أخرى هي خطر على المنطقة وعلى أبنائها. واليوم وقد تبين أن روحاني قد حاز على ما يزيد من الخمسين بالمئة من أصوات الناخبين في إنتخابات الرئاسة، نتمنى أن يتبع ذلك تأكيد فوزه وليس طبخ النتائج لكي تخدم سياسات المتشددين، ونأمل حين ذاك أن تحصل التغيرات الأيجابية الضرورية لرفع المعاناة عن شعب أيران.

وفي سياق الإنتخابات الأيرانية وتداعياتها على المنطقة لابد لنا من أخذ التطورات على الساحة السورية في نظر الإعتبار، فقد تزايد زخم الحكومة المركزية في مواجهة المعارضة بعد التقدم الذي أحرزه الجيش النظامي وحلفائه في القصير، وأدى التصعيد الحكومي إلى التصعيد الدولي في المقابل من أجل مساندة قوات المعارضة، حيث قرر الرئيس أوباما دعم المعارضة عسكريا، والكرة الآن في الملعب السوري-الأيراني-الروسي لرفع الرهان أو الإنسحاب من لعبة الحرب الأهلية ذات الأيقاع السريع.

التصعيد المقابل المتوقع من أيران هو الدعم العسكري والمادي الضخم والمباشر خلال الطريق البري في محافظة الأنبار وهنا يأتي إنتخاب روحاني كعامل معاكس لهذا الإتجاه، فمواقفه الواقعية الواعية على الأوضاع الإقتصادية المتردية في أيران والتي ساعدت على إنتخابه قد تمنع من الدفع بإتجاه التدخل في سوريا.

الأمر الأكيد هو أن أيران التي أمسكت بزمام المبادرة في ساحات العراق وسوريا في الفترة الماضية قد فقدت البدائل المتاحة أمامها بحكم وضعها الإقتصادي وعزلتها وأصبحت على مقربة من سقف أمكانياتها للتصعيد، في حين أن القوى المساندة للمعارضة السورية لا تزال في أوائل خياراتها والتصعيد بالنسبة لها في الوقت الحاضر لا يزال في حكم المستطاع.

The End

لذة الجريح

May 26th, 2013

حين يصيب المرء جرحا عميقا ويبدأ في علاجه فيتجه الجرح نحو الشفاء، حينها ينتابه الشعور بالحكة قبل أن يلتئم الجرح، فإن إستجاب للذة الحك فسوف يفتح الجرح ويتقيح ويطول علاجه ولكن إذا إمتنع عن ذلك فسيلتئم ويشفى المرء سريعا. لذة الجريج في حكة الجرح قصيرة النظر ولا ترى الخطر المحدق نتنيجة للإستجابة للدافع الإنفعالي.

أن ما يحصل في بغداد الآن من تهجير وإرهاب وما يعد له من تحشيد لمزيد من المواجهات الدموية في المحافظات ما هو إلا إستجابة الجريح لفتح جرح الطائفية من جديد بدون النظر إلى عواقب المواجهات التي لن تؤدي إلا إلى الخسارة وإطالة المعاناة.

هنالك العديد من العراقيين من جميع الطوائف ممن يتحمسون للمواجهة الطائفية وحسم الأمور بالإقصاء وتطهير المناطق من الطوائف المقابلة وفي المقابل هنالك من يريد تقسيم العراق من أجل الإبتعاد عن أذى الآخرين، وهذه جميعها ذرائع محلية وحلول مكلفة لمشاكل مؤقتة والتي قد تنفع المنادين بها ولأجل قصير لكنها تضر المجاميع الأوسع وتقسم ليس العراق فحسب وإنما الأمة العربية والإسلامية والتي يدعي المتقاتلون الدفاع عنها.

أن حصار مناطق قليلة في بغداد لا يسكنها إلا أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة لا يؤدي إلا إلى نشوة وقتية كلذة الجريح الذي يفتح الجروح في مناطق أخرى ودول تنعكس فيها المعادلة ويكون القوي في المعسكر الضعيف، والسياسة الإنتقامية لا يمكن أن تستمر ولا يمكن لدعاتها قيادة دولة مشتركة الطوائف ودوام الحال من المحال.

The End